ازدادت حركة البناء المخالف آلاف المرات بظل الأزمة التي تعيشها سورية منذ أكثر من ثلاث سنوات، والتهمت كل الحدائق والوجائب والبساتين، وتحولت دمشق وضواحيها إلى كتل إسمنتية. ويحصل كل هذا أمام أعين الجهات المعنية في نظام الأسد، التي تتذرع بحجة (الانشغال بقضايا أكبر، أو تعرض ورشات الهدم للضرب من قبل أصحاب المخالفات)، ما جعل مخالفات البناء تصبح أمراً واقعاً عبر التسوية والمصالحة.
وعلى الرغم من صدور مراسيم وقوانين تحرم وتحذر وتلجم المخالفات، وآخرها التطوير العقاري، ما كبر منها وما صغر، اقتصرت مهمة دوائر الخدمات والبلديات على البحث في الشوارع والأزقة والأحياء عن أسرة فقيرة تبني غرفة على السطوح لتحمي نفسها من برد الشتاء وحر الصيف، لتقوم بهدمها بينما أبراج المخالفات التابعة لهذا التاجر أو ذاك الذي يعقد صفقة مسبقاً مع (سماسرة) رئيس البلدية تشمخ مع كل مطلع شمس.
من جانبه، أكد الباحث في الاقتصاد العقاري والتجاري المحامي الدكتور عمار يوسف، أن “المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 40 للعام 2012 الخاص بمخالفات البناء تنص على إزالة الأبنية المخالفة بعد تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي مهما كان نوعها وموقعها، وفرض غرامات مالية، والحبس بحق كل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة، وكذلك بحق العاملين في الجهة الإدارية المقصرين في أداء واجبهم في قمع المخالفة”.
وتابع يوسف، رغم وضوح المادة أنجز ما يقارب 100 ألف مخالفة بناء في دمشق وحدها ولم تتم معالجة أقل من 20 بالمئة من هذه المخالفات، والمعالجة لم تكن بالإزالة بل بالتسوية والجراحة التجميلية لشرعنتها لا أكثر.
وبدوره أشار المهندس مازن فرزلي، مدير دوائر الخدمات في محافظة دمشق التابعة لنظام الأسد، إلى حدوث المئات بل الآلاف من مخالفات البناء الطابقية، والأرضية، والتعدي على المسطحات الزراعية، وأراضي الحماية، وأراضي التنظيم في: مناطق (المزة 86 حي الورود نهر عيشة بساتين الشاغور بستان الدور الزاهرة التضامن بساتين برزة بساتين الشاغور، ودمر، وعش الورور- والدويلعة)، وعلى الأملاك العامة، والخاصة، وحتى على أملاك الغير دون أي رادع أخلاقي، أو قانوني مرجعاً الأسباب لـ”تقصير الدوائر الخدمية، وإلى الأزمة التي تمر بها سورية”.
وكشفت “السورية نت” عبر مصادر خاصة طلبت عدم ذكر اسمها أن أغلب المخالفات في العاصمة السورية دمشق، تحدث في الأحياء ذات الغالبية العلوية والمؤيدة لنظام الأسد، مما يجعل الموضوع صعبا على لجان المراقبة والهدم بتنفيذ قرارات الإزالة.
وأوضحت المصادر أن لجان المتابعة بإزالة المخالفات تتعرض للقتل والضرب والتهديد، رغم صدور تعليمات تضمنها المرسوم /40/ لعام 2012 والذي تم الإيعاز فيه إلى دوائر الخدمات لمعالجة المخالفات وهدم كافة المخالفات، وبشكل فوري، أما المخالفات المنجزة، والمسكونة فيتم ضبطها، واستصدار قرار هدم، ووضع إشارة حجز على العقار، ويتم صرف ثمن استكمال المعالجة.
بدوره لفت الدكتور يسار عابدين عميد كلية الهندسة المعمارية، إلى أن النمو المتزايد للتجمعات السكانية العشوائية المتركزة بضواحي المدن الرئيسية أدى الى تدني مستوى الخدمات التحتية والخدمات الاجتماعية المصاحبة. واعتبر أنها بلغت حدوداً أصبح معها من المستحيل السيطرة على حجم سكانها ومخالفاتها العمرانية والمعمارية.
وفي سياق متصل، أصبحت العشوائيات تقض مضجع أحياء دمشق المنظمة، وتتطاول على أحيائها العريقة، ولم تستطع كل الإجراءات العقابية والزجرية، وقد تحولت فيما بعد الى بؤر أقل ما يقال فيها إنها مشبوهة، تحتضن ما تحتضن من بيوت الدعارة والملاهي الليلية وتدس السم في الدسم.
المصدر: السورية نت