تعالت أصوات المنظمات الدولية المعنية بقضايا التعليم لتؤكد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي العاجل لإنقاذ الأطفال المحرومين من التمدرس الذين بلغت أعدادهم وفق آخر التقديرات لمنظمة اليونيسكو أكثر من 124 مليون طفل تناسب أعمارهم المرحلتين الابتدائية والثانوية. تقديرات منظمة اليونيسكو التي أشارت إلى وجود 58 مليون طفل لم يدخلوا المدارس للمرحلة الابتدائية تعود إلى سنة 2012 وهو ما يعني أن هذه البيانات صدرت قبل بروز أزمة اللاجئين المتفاقمة في السنوات الأخيرة وكان ضحيتها تحديدا السوريين والعراقيين، مؤشر آخر على أن الأرقام الحقيقية أكبر وأعلى وتستدعي تضافر جهود عدة أطراف لتجاوز المحنة والأزمة المتفاقمة. وأصدر الفريق المعني بالتقرير العالمي لرصد التعليم للجميع، وثيقة توجيهية عن التعليم والنزاعات بالتعاون مع منظمة إنقاذ الطفولة أشار فيه إلى أنه في حين تراجع عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في العالم من 60 مليونا في عام 2008 إلى 57 مليونا في عام 2011، تظهر الوثيقة التوجيهية أن هذا التقدم لم يشمل أطفال البلدان المتأثرة بالنزاعات، كما أن التقرير ذاته لم يأخذ بعين الاعتبار التطورات الحاصلة في الوقت الراهن، وهو ما يجعل الواقع يتجاوز هذه النسب. وتدعو الوثيقة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لتوفير التعليم للأطفال في سن التعليم الابتدائي غير الملتحقين بالمدارس في البلدان المتأثرة بالنزاعات والبالغ عددهم 28،5 مليون طفل، إذ بات هؤلاء يمثلون نصف عدد الأطفال المحرومين من التعليم. فالتقدم البطيء في تقليص عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في العالم لم يعد بالفائدة على أطفال البلدان المتأثرة بالنزاعات الذين يشكلون اليوم نسبة 50٪ من مجموع الأطفال المحرومين من التعليم، مقابل 42٪ في عام 2008. وأتت هذه الدعوة عقب صدور تقرير جديد عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يفيد بأن عدد اللاجئين وصل إلى 15،4 مليون في نهاية عام 2012، وهو أعلى رقم يُسجل منذ عام 1994. ويمثل الأطفال 46٪ من الأشخاص المشردين قسراً ويعانون من انقطاع التعليم في مرحلة مفصلية من تعلّمهم وقد يعيشون حياة ملؤها الحرمان ما لم تُتح لهم فرصة الالتحاق بالمدرسة. ومن بين الأطفال في سن التعليم الابتدائي غير الملتحقين بالمدارس في البلدان المتأثرة بالنزاعات والبالغ عددهم 28،5 مليون، يعيش 12،6 مليون طفل في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و5،3 مليون في جنوب وغرب آسيا، و4 ملايين في الدول العربية (لم يحتسب أطفال سوريا والعراق ضمن هذه النسب). وتعيش الغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال، أو نسبة 95٪ منهم، في البلدان ذات الدخل المنخفض وذات الحد الأدنى من الدخل المتوسط. أما الفتيات اللواتي يمثلن 55٪ من المجموع، فهن أشد الفئات تأثراً بالنزاعات إذ غالباً ما يقعن ضحية عمليات الاغتصاب والعنف الجنسي التي تلازم النزاعات المسلحة. وتشير الإحصاءات إلى أن 20 مليون شخص من المراهقين في سن المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي الذين كانوا خارج المدرسة في عام 2011 والبالغ عددهم 69 مليونا كانوا يعيشون في بلدان متأثرة بالنزاعات، وكان من بينهم 11 مليون مراهقة. ويفيد التحليل المعمق الوارد في التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع 2011 المعنون «الأزمة الخفية: النزاعات المسلحة والتعليم» بأن الكثير من البلدان الواقعة في براثن النزاعات محرومة من المعونة الدولية إذ لا تتلقى نظمها التعليمية أي نوع من المساعدات الإنمائية الطويلة الأجل أو من المعونة الإنسانية القصيرة الأجل. وفي حين أن المجتمع الدولي يطالب بتخصيص 4٪ من المعونة الإنسانية لقطاع التعليم، فإن تحليلاً جديداً أجراه الفريق المعني بالتقرير العالمي لرصد التعليم للجميع يظهر أن الحصة المخصصة للتعليم من المعونة الإنسانية تراجعت من 2٪ في عام 2009 إلى 1،4٪ فقط في عام 2012. ويبين التحليل أن هذه الأموال تؤمّن ما يزيد قليلاً على ربع المبلغ المطلوب، ما أدى إلى ارتفاع العجز في التمويل إلى 221 مليون دولار، وهو أكبر عجز يُسجل في أي مجال من مجالات المعونة الإنسانية.
«القدس العربي»: