«السماح من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) لأنصاره بالترشح إلى الانتخابات البرلمانية التي يجريها النظام، سينسف ادعاءاته بأنه ضد النظام، وأنه في صف المعارضة»، لم يكن هذا رأي نشطاء من محافظة الحسكة شمال شرق سوريا لوحدهم، إذ يشاطرهم هذا الرأي نائب عميد كلية الآداب في جامعة الفرات (فرع الحسكة)، الدكتور فريد سعدون.
سعدون المفكر الكردي والمفصول تعسفياً مؤخراً عن الجامعة لأسباب أمنية، له قراءة أخرى أيضاً تفسر ابتعاد الأكراد من أبناء الحسكة، عن الانتخابات التي أعلنت عنها دمشق المقررة في نيسان/أبريل المقبل، يشرحها بالقول «الشعب الكردي منظم بشكل عام في أحزاب سياسية، ويلتزم بتوجهاتها، وقلة قليلة منهم يتخذون قراراتهم حسب مصالحهم الشخصية، وأقصد هنا الأوساط المؤيدة لـ «PYD»، والأوساط المؤيدة للمجلس الوطني الكردي، وهذا بخلاف المكونات الأخرى. وبحسب مصادر مطلعة فإن غالبية المترشحين في المحافظة، والذين يفوق تعدادهم الـ500، باستثناء أسماء كردية عدة هم من أبناء العشائر العربية، ومن الأشوريين، ومن مكونات أخرى، سيتنافسون فيما بينهم على 14 مقعداً مخصصاً لمحافظة الحسكة، التي يتقاسم كل من النظام، و»الاتحاد الديمقراطي» السيطرة عليها.
وكان من المتوقع أن تتجه الأوساط الكردية التي تعتبر المجلس الوطني الكردي مرجعية لها، لرفض المشاركة على اعتبار أن الأخير جزء من الائتلاف السوري المعارض، لكن ما يبدو لافتاً من وجهة نظر مراقبين، أن يعطي «الاتحاد الديمقراطي» الأوامر لمناصريه الأكراد، بوجوب مقاطعة الانتخابات، وذلك بالنظر إلى العلاقة القوية التي تجمع الأخير بالنظام السوري.
ويرجع المعارض السوري فواز المفلح من أبناء محافظة الحسكة ذلك إلى التقارب بين المجلس الوطني الكردي، والـ «PYD»، ويؤكد أن التعاون «لم يعد خافياً على أحد»، ويضيف في تصريحات لـ «القدس العربي»، «تلتقي مصالح الجانبين في المطالب الانفصالية، أو الفيدرالية على أقل تقدير، والطرفان يؤيدان اللامركزية، وما ساهم من التقارب فيما بينهما في الفترة الأخيرة، الدعم الروسي غير المحدود، والاملاءات الخارجية بوجوب تقليص مساحة الخلافات المشتركة، تمهيداً لحل سوري يمر عبر الفيدرالية»، غير أن ممثل حركة الإصلاح الكردي في سوريا جدعان علي كان واضحاً حين رفض الرأي الذي يذهب بالقول إلى أن «هذا الرفض المشترك للمشاركة بالانتخابات، حصل نتيجة لاتفاق مسبق بين الوطني الكردي، والاتحاد الدمقراطي»، موضحاً «هو في سياق آخر، كل فريق ينطلق من قراءته الخاصة، ومن المعطيات المتوفرة، وبالتالي هذا الرفض جاء بدون اتفاق، لكنه بني على واقع جديد»، هذا التلاقي بين النظام و»الاتحاد الديمقراطي» من شأنه أن يمهد لمرحلة جديدة تكون القطيعة بين الجانبين عنواناً لها، لكن في الوقت الذي يؤكد فيه حدوث مقاطعة شعبية كردية للنظام، يستبعد محدثنا من احتمالية «القطيعة السياسية الكردية مع النظام»، ويعزو ذلك، إلى عدم قدرة النظام على فتح جبهات جديدة مع الـ «PYD»، وخصوصاً أن الأطراف الدولية الداعمة للأخير، هي الأطراف الداعمة نفسها للنظام، وذلك في إشارة واضحة منه إلى روسيا وإيران، ويختم علي حديثه لـ «القدس العربي» مجدداً موقف الحركة الكردية الرافض للنظام، والمؤيد للثورة السورية، والداعي إلى حل سلمي للخروج بالبلاد إلى بر الأمان.
يشار إلى أن هذه الانتخابات البرلمانية هي الثانية من نوعها، التي يجريها النظام في سوريا منذ اندلاع الثورة ضده في العام 2011، حيث جرت الأولى في أيار/مايو 2012، على وقع تشكيك دولي حينها.
القدس العربي – مصطفى محمد