«لم تعد تتسع براداتنا للجثث التي تتوافد علينا بشكل متكرر»، هذا ما أكده الطبيب عبد المنعم مدير مشفى خربة الجوز الذي استقبل الضحايا المدنيين الذين سقطوا خلال الساعات الماضية وأكد ان جميع الوفيات بسبب إطلاق نار مباشر إما في البطن أو الصدر، وحمل الطبيب المهربين من الجانب السوري والتركي مسؤولية ما يحصل مؤكداً أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة على حد قوله، فالمنطقة دوماً تشهد عمليات اطلاق للنار من قبل عناصر الجيش التركي بسبب خديعة وكذب المهربين وإيهام العابرين بان الطرقات فتحت وباتت الطريق آمنةً للعبور إلى تركية.
وأكد ناشطون من المنطقة على أن هناك تنسيقاً بين مهربين من الداخل السوري مع ضباط أتراك يدفع فيه المهربون مبالغ كبيرة للضباط الأتراك مقابل «غض البصر» عن عمليات التهريب التي تنطلق من قرية خربة الجوز في الجانب السوري إلى الأراضي التركية لكن الامر ازداد تعقيداً بعيد بناء تركيا لجدار عازل بارتفاع مترين.
علي عدرا الإعلامي الذي كان شاهداً على وصول الضحايا إلى مشفى عين البيضا في المنطقة قال في حديث خاص لـ «القدس العربي»، «حوالي الساعة 11 قبل منتصف الليل سمعت أصوات اطلاق نار كثيف بالقرب من الحدود وكان سببه أن الجيش التركي كان قد فتح النار على المدنيين الذين يجتازون الحدود إلى تركيا وأغلبهم من ريف مدينة حلب كانوا قد هربوا من المعارك المشتعلة بين الثوار وتنظيم «الدولة» وبين الثوار والقوات الكردية من جهة أخرى، وأكد أن عدد القتلى وصل إلى 11 مدنياً بينهم طفلان وخمس نساء والجرحى تجاوز عددهم سبعة اشخاص، وقام الجيش التركي بتسليم جثثهم لقوات المعارضة في المنطقة المتواجدين في قرية الخربة ليتم نقلهم إلى المشفى الميداني الموجود بالمنطقة وبعد ذلك تم نقل القتلى إلى مناطقهم في محافظة حلب».
وأخيرا قال عدرا ان هناك مافيات مهربين لها صلة مع الأتراك تعيش على الكذب وسرقة الأموال بابتزاز المدنيين الفارين من الحرب في سوريا.
وتعد قرية خربة الجوز من أكثر المناطق التي يقصدها المدنيون بهدف العبور إلى تركيا خصوصاً بعد أن أصبح طريق قرية اليمضية بجبل التركمان مغلقاً بسبب استهداف النظام له بالصواريخ الموجهة، ويحاول أكثر من 400 شخص يومياً عبور الحدود إلى تركيا عن طريق قرية الخربة، ما دفع السلطات التركي في وقت سابق من هذا الشهر إلى توجيه إنذار إلى المدنيين بأنها ستستخدم السلاح في وجه الأشخاص الذين يحاولون الدخول إلى تركيا بشكل غير شرعي، وكانت قد أطلقت النار بالهواء أكثر من مرة من أجل إيقاف العائلات التي تحاول عبور الحدود، أو على الناس حيث حصلت أكثر من حالة موت لأشخاص حاولوا اجتياز الحدود ولكن كل مرة كان يقتل شخص أو شخصان بحسب العدرة الذي أضاف أنها أول مرة تطلق النار مباشرة بهذا الشكل ضد المدنيين.
وختم عدرا لـ «القدس العربي» بقوله إن تركيا تتحمل جزءاً كبيراً من المجزرة التي راح ضحيتها عشرات المدنيين خصوصاً أنها يجب أن تحترم القوانين الدولية وحقوق الناس كحق الحياة وحق اللجوء ولا يبرر لها تحذيرها للمدنيين من استخدام السلاح، خصوصاً أن أغلب النازحين الذين ماتوا من محافظة حلب ما يؤكد عدم سماعهم بإغلاق الحدود من الطرف التركي.
من ناحية أخرى يتقاضى المهربون مبالغ كبيرة تصل إلى 300 دولار عن الشخص الواحد ولا يقومون بالسير معهم إلى داخل الأراضي التركية، فقط يدلونهم على الطريق وينسحبون عائدين من الشريط إلى الداخل السوري، مهند أبو الفاروق أحد الناشطين في الساحل أكد أيضا أن هناك ضحايا بشكل شبه يومي وهو تعرض لعملية ابتزاز من أحد المهربين، مؤكداً أنه حاول العبور قبل بضعة أيام وأطلقت «الجندرما التركية» النار على شاب سوري توفي على الفور وهو من دمشق، وهو يتحمّل الجزء الأكبر مما حصل في المجزرة خلال الساعات الماضية للمهربين واصفاً اياهم بأنهم «تجار بشر» يجب على فصائل المعارضة أن تقتلعهم من جذورهم.
وأكد لـ«القدس العربي» أن هؤلاء المتسببين بالمجازر هم على صلة ببعض الفصائل من أبناء المنطقة، مؤكداً نيته فضح هؤلاء الناس بالصور والأشخاص ووصف ما حصل بأنه «كارثي» مؤكداً حصول عمليات تحرش وسرقات تتعرض لها العائلات والنساء اللاتي يحاولن العبور من المهربين والاتراك على حد سواء.
وأغلقت تركيا المعابر الإنسانية كافة ولم يتبق إلا معبراً وحيداً تشرف عليه حركة أحرار الشام في خربة الجوز وتسمح تركيا عبر هذه البوابة بعبور العشرات من المدنيين والأطباء يومياً من حاملي بطاقة الحماية التركية «افاد».
بنت تركيا الجدار العازل للحد من عمليات العبور غير الشرعية إلى الأراضي التركية إلا أن هناك علاقات تربط بين أبناء قريتي غواتشي التركية وخربة الجوز السورية لم يمنعهم الجدار العازل من استمرار تجارة «تهريب البشر» وفق ما يؤكده ناشطون من المنطقة، وليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الجرائم أو الانتهاكات بحق المدنيين الفارين من ويلات الحرب في سوريا وازادت بشكل كبير هذه الانتهاكات بعد إغلاق تركيا لمعبري باب الهوى وباب السلامة.
القدس العربي