يمكن اعتبار تصريحات الأمين العام لـ»حزب الله» اللبناني الأخيرة بشأن «التورط أكثر» وإرسال المزيد من القوات إلى سوريا بمثابة «رسالة سياسية وأمنية» للعديد من الأطراف التي لم يعد يعجبها وجود مقاتلي الحزب في عمق المعادلة السورية.
موقف نصر الله واستنادا إلى مصادر مطّلعة تحدثت لـ»القدس العربي» له علاقة بـ»معطيات جديدة تماما» تم إبقاؤها في دائرة السرية المطلقة حول ظروف وملابسات مقتل القائد الميداني البارز للحزب في دمشق الجنرال مصطفى بدر الدين.
مقتل بدر الدين كان ضربة موجعة جدا للهرم القيادي العسكري لحزب الله في سوريا، والأهم هو أن هذه الضربة لم يتم التأكد بعد من الجهة التي وجهتها، خصوصا وأن قيادة الحزب وفي الاجتماعات الأخيرة للجنة التنسيق مع مسؤولين عسكريين سوريين في منطقة الحدود السورية اللبنانية اعترضت على موافقة دمشق وعدم اعتراضها على «الاتصالات والمشاورات المستمرة» ميدانيا بين القيادة العسكرية الروسية في سوريا وبين إسرائيل.
ممثلون لـ»حزب الله» في هذه الاجتماعات التي تضم العسكريين فقط تحدثوا بإسهاب عن آليات النظام السوري في «مراقبة» الاتصالات بين روسيا وإسرائيل ومقدار شموليتها والسيطرة عليها.
هذه المسألة كانت وما زالت حسب معلومات «القدس العربي» مثارا للنقاش والجدال الحادّ بين أجهزة أمنية سورية نظامية ومسؤولي استخبارات ومعلومات يتبعون «حزب الله» من جهة، وبين القيادة العسكرية الميدانية والمستوى السياسي في الحزب نفسه ومؤسساته.
المفاجأة الطازجة جدا والتي أظهرها تحقيق داخلي للحزب في حادثة اغتيال قائده مصطفى بدر الدين ظهرت عندما قرر تقرير ميداني أمني يتبع الحزب بأن أقرب مدفعية لفصائل المعارضة السورية من مكان حادثة مقتل بدر الدين تبعد بصورة محددة 15 كيلو مترا عن المكان الذي حصل فيه الانفجار في مقر يتبع الجنرال بدر الدين.
وفقا للمعطيات التي طرحها مستشارون يعملون من «حزب الله» فلا توجد حسب البيانات العسكرية التي قدمتها السلطات السورية نفسها للحزب بين يدي أي من فصائل المعارضة أسلحة مدفعية فعالة تستطيع الوصول لهذه المسافة وإصابة أهدافها بمنتهى الدقة، خصوصا مع وجود سلاح دروع مضاد يحيط بمنطقة ما يسمى بالحزام الأمني حول قلب مدينة دمشق حيث المقرات الأساسية وأهمها المطار.
المنطقة التي حصل فيها انفجار أودى بحياة الجنرال بدر الدين ونحو 48 من رفاقه والموجودين بقربه وفقا لتحقيق الحزب الداخلي حساسة جدا، ومستشارو الحزب زاروا منطقة الانفجار واستفسروا من ضباط التنسيق السوريين ما إذا كانت لديهم معلومات حول مدفعية معارضة فعالة لديها ذخائر تصل فعلا إلى مثل هذه المناطق الحساسة من دمشق العاصمة خصوصا حيث غرفة عمليات لحزب الله قرب مطار دمشق استهدفت تماما وبدقة متناهية بالانفجار المشار إليه.
واضح تماما أن «حزب الله» لم يحصل على أجوبة محددة بالرغم من الإعلان المتسرع في بيانات الحزب الأولى عن تحقيقات أفادت بأن بدر الدين قتل بقصف يعتقد أنه مدفعي.
المفاجأة لم تقف عند هذه الحدود بل تكاملت مع تقرير أمني دبلوماسي داخلي جدا تبادلته العديد من الأطراف واطلعت «القدس العربي» على مضمونه الذي قام على تقديرات ميدانية قدمتها قوات «الجيش الحر» للجانب الأمريكي لحادثة مقتل جنرال «حزب الله» البارز.
التقرير يتحدث بوضوح ومباشرة عن عملية قصف جوي دقيقة جدا استهدفت مقر بدر الدين ورفاقه بمحيط مطار دمشق حيث توجد غرفة تنسيق وعمليات يقودها بدر الدين لصالح حزب الله مع الحرس الثوري وسلطات دمشق.
الجديد تماما في السياق أن طائرة روسية مقاتلة حسب التقرير المشار إليه أفرغت تماما حمولتها من الذخيرة في المقر المشار إليه حيث تم اعتقال الطيار وتوقيفه وترحيله إلى موسكو، وقيل للنظام السوري إن عملية القصف كانت عبارة عن «خطأ بشري» وأن الطيار كان»مخمورا» وسيحاكم في موسكو حسب النظام دون ربط هذا الطيار مباشرة بالعملية التي استهدفت بدر الدين.
«حزب الله» يعمل حاليا على هذه المعطيات ويحسب خطواته بدقة ويعتقد ان خطأ الطيار الروسي مهندس تماما مع إسرائيل، وان قتل بدر الدين عملية لصالح إسرائيل نتج عن عدم مراقبة التنسيق الروسي الإسرائيلي.
على هذا الأساس قرر نصر الله الرد أوليا بسياسة تعزيز الوجود العسكري أكثر في سوريا بعد مقتل الجنرال بدر الدين.
القدس العربي