تعليق المخرج اللبناني شربل خليل، صاحب برنامج «بس مات الوطن»، جاء في مكانه حين كتب، في تغريدة، تعليقاً على «اغتيال» بنك لبنان والمهجر أخيراً في بيروت، «قد ما انحكى إنو في أجهزة ومسؤولين وسفارات كانوا عارفين مسبقاً بالانفجار كان المفروض تنقل التلفزيونات هالتفجير LIVE».
لكن ليس ذلك وحسب، يمكن الإضافة أيضاً أن قراءة في ما تقوله صحف لبنان، ومواقع التواصل الإجتماعي، والأمثلة التي أشارت للبنك بالإسم قبيل التفجير كثيرة، كان يمكن أن تجعل من الحدث حلقة من تلفزيون الواقع. سيكون مكرراً القول إنها تماماً قصة موت معلن، متلفز، ومدوٍّ.
أدرعي ومعايدة رمضان
بات مألوفاً أن ننتظر المعايدة، في كل مناسبة دينية، من الناطق باسم جيش الإحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، وبالطبع كان لنا منها حصة عشيّة رمضان الجاري، لكن دائماً في قلب المعايدة هناك مفاجآت صغيرة، من بينها أن أدرعي وجنود الإحتلال المتحلقين حوله، هم مثل ملايين العرب والمسلمين من متابعي المسلسل السوري «باب الحارة»، ولا يخفون إعجابهم بشخصيتي معتز وأبو شهاب.
يريد أدرعي أن يفهمنا أن لدى جيشه من التفهّم وسعة الصدر ما يجعله يقبل، بل ويشجع ويحتضن، وجود مسلمين في عداده، بعاداتهم وطرق عيشهم ودلال قهوتهم و»حاراتهم»، من دون أن يؤثر ذلك بفكرة «يهودية الدولة»!
إنه مسلسل معايدات مسلٍّ على أي حال، فَكِه مثل مسلسل «باب الحارة»، مفكك، ومن ضروب المخيلة وحدها.
مسلسل على مقاس ممثل وحيد
من القدس يأتينا المسلسل الفلسطيني «باب العامود»، لبطليه اسماعيل دباغ ومايا أبو الحيات، كوميديا اجتماعية تعمد إلى تقديم جوانب من المكان المقدسي، حيث مشهد القدس القديمة موجود على الدوام في خلفية المشهد، أو لعله هو المشهد. يقدم المسلسل لنفسه بالقول إنه «العمل الدرامي الأول من نوعه، الذي يصوّر في أزقة وحواري وبيوت القدس العتيقة، ويقدم الوجوه الفلسطينية المقدسية في إطار اجتماعي ساخر وهادف يظهر معالم البلدة القديمة».
هناك ملاحظتان أوّليتان على العمل، أولاً سيكون المكان عبئاً على الدراما حين يتقصّد العمل إظهاره (نقدّر هنا دوافع العمل النبيلة). الدراما ليست مهمتها التوثيق، وإن كانت تصلح للتوثيق فإن ذلك يأتي على هامش أهداف العمل.
ثانياً، في الوقت الذي يزعم فيه العمل تقديم شخصيات وأمكنة ووجوه جاء في الحقيقة على مقاس شخص واحد، هو مخرجه وبطله اسماعيل دباغ، وما الآخرون سوى مستمعين، أو ذرائع لتقديم دباغ نجماً. غير أن العكاكيز والتأتأة اللفظية، التي تقوم عليها شخصيته لا تخوّله لكي يكون نجماً أوحد لعمل درامي. وبالمناسبة، قاموس اللهجة الفلسطيني أوسع بكثير من عبارة «خنّاق يخنقك».
كاميرا الفلسطينيين الخفية
على صفحة الـ «فيسبوك» للفنان الفلسطيني مؤمن الشويخ مشهد لكاميرا خفية تصوّر شاباً داخل محل لبيع الملابس، يرى كيف يقدّم البائع لزبونه بلوزة عليها العلم الإسرائيلي، فيستنكر، ويغضب، ويحاول أن يثني الشاب، بل ويدفعه لنزعها. غضبة الشاب رائعة يقول فيها للتاجر إنه بذلك إنما يبيع وطناً. هكذا يختتم المشهد الكوميدي، الذي صمّم في العالم كله من أجل الضحك، بالعناق والدمع، ومن ثم بنشيد «بلادي».
العام الماضي كانت كذلك حلقة لا تنسى من البرنامج نفسه، والذي يحمل عنوان «طوّل بالك»، صوّرت مع كهل فلسطيني على الحدود مع قطاع غزة، عندما أتاه صانعو البرنامج بهيئة حاخامات إسرائيليين يساومونه على شراء أرضه، وكان الرجل عنيداً بشكل يثير الإعجاب.
الكاميرا الخفية الفلسطينية فريدة فعلاً، إنها كاميرا لا تطاق من شدّة تأثيرها، وحدها من يستطيع أن يأخذنا إلى البكاء في آخر مشهد يفترض أن يكون للضحك. نريد أن تُفرَج على الفلسطينيين كي نتمكّن من كاميرا من غير أناشيد أو دموع، كاميرا للضحك، ليس إلا.
القدس العربي