اعتادت فصائل المعارضة المسلحة أن تتكفل بعائلة كل عنصر يقتل ضمن أحد فصائلها، وأن يقوم الفصيل برعاية وتأمين مسلتزمات زوجة المقاتل وأولاده، وهذه تعد من أوائل الشروط لدى العناصر قبل الانضمام لأي فصيل، وأن يؤمنوا لعائلة العنصر احتياجاتهم كافة من إيجار المنزل إلى أبسط الاحتياجات.
و في حديث لـ «القدس العربي» مع أم سيف وهي زوجة عنصر كان يقاتل مع احد فصائل المعارضة المسلحة قالت: عند عودة زوجي من لبنان و التحاقه بفصائل المعارضة طلب مني الخروج من مدينة حماه إلى مكان تواجده، وحصلنا على منزل في إحدى القرى المحررة في ريف ادلب، وكان زوجي يتقاضى من الفصيل الذي ينتمي إليه راتباً قيمته 80 دولاراً، وكان هذا مصدر قوتنا الوحيد بالإضافة إلى بعض الإغاثات كل شهر أو شهرين، بقيت مع زوجي ما يقارب خمسة أشهر إلى حين استشهاده في معركة بريف حلب الجنوبي، وعندما أخبروني بمقتله اضطررت للعودة إلى مدينة حماه لقضاء فترة «العدة» فليس لدي أحد في المناطق المحررة، ومن ذلك الوقت لم يصلني أي مبلغ من المال، مع العلم أن الاتفاق ما بين زوجي و قائد الفصيل هو أنه إذا قتل زوجي فعلى الفصيل ان يتكفل بي وبأولادي، وعندما تكلمت مع أحد القياديين لدى الفصيل أخبرته بأنه منذ مقتل زوجي لم يصلني أي مبلغ من المال فكان رده: «أنت متواجدة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري ويجب أن تكوني في المناطق الخاضعة تحت سيطرتنا حتى تحصلي على راتب زوجك، ونؤمن لك ولأولادك احتياجاتك كافة «.
وتضيف «على العلم بأنهم قادرون على إيصال الراتب كل شهر إلى مكان تواجدي في منزل زوجي في مدينة حماه، وانا ليس لدي أحد من أقاربي في المناطق المحررة، وحالياً أعيش من السلل الإغاثية التي تأتي من الهلال الأحمر السوري التابع للنظام، والقليل من المساعدة من إخوة زوجي الذين لا يستطيعون تأمين قوتهم اليومي إلا بشق الأنفس، كم أتمنى أن يعود زوجي إلى الحياة ليرى ما حصل بي وبأولاده بعد أن كان يطمئنني بأنه لن يتخلى أحد عني، وبأن الجميع هنا هم أكثر من إخوتنا، وأننا خرجنا لنكون يداً واحدة وعوناً لبعضننا في حال خسرنا أي أخ من الإخوة».
وفي اتصال هاتفي مع إحدى زوجات قتلى المعارضة التي رفضت الكشف عن اسمها لـ «القدس العربي « قالت: كنا نسكن في قرية بريف حلب الجنوبي وكانت قريتنا محررة بالكامل، وزوجي عسكريا منشقا عن النظام السوري وعند انشقاقه التحق بأحد الفصائل التابعة لقريتنا، وكان يأخذ مبلغاً من المال بقيمة 75 دولاراً وإضافةً إلى ذلك كان لديه قطعة من الأرض يعمل بها ويقوم بزرعها في أيام المواسم، وعند دخول قوات النظام السوري والميليشيات التابعة له وسيطرتهم على تلك الأراضي قتل زوجي دفاعاً عن القرية، فخرجت من القرية أنا وابنتي التي لا تتجاوز السنة، قبل أن يسيطر عليها النظام والميليشات ونزحت أنا وابنتي وعائلتي إلى مدينة حماه بسبب تواجد أقاربنا هناك كانوا قد نزحوا منذ ما يقارب السنتين، وبقية أفراد عائلتي ذهبوا إلى تركيا أو إلى المخيمات، ومنذ ذلك الوقت لم اتقاض أي مبلغ من المال أو تأمين أبسط الاحتياجات لابنتي، وعندما تكلمت مع صديق زوجي وأخبرته بأن الفصيل لم يعطني راتب زوجي الشهري، فأعطاني رقم هاتف قائد اللواء وتكلمت معه وشرحت له عن وضعنا المادي السيئ، وأننا نتواجد داخل مدينة حماه، ونسكن في منزل أقاربنا هناك، وأريد راتب زوجي لأعيش انا وإبنتي، فكان رده «أنت أختنا ولكن لا يمكننا إعطاؤك أي مبلغ طالما تتواجدين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، فقلت له بأنه لا يوجد لنا أحد في المناطق المحررة، وأبناء قريتنا منهم من سافر، ومنهم من انتقل إلى المخيمات وراتب زوجي لا يكفي ما بين إيجار المنزل واشتراك كهرباء وتعبئة الماء ولا يوجد لنا معيل في المناطق المحررة، أما في مدينة حماه فلنا أقرباء يؤمنون لنا ملحقاً صغيراً وأبسط الاحتياجات فكان رده لا يمكنني أن أساعدك بأي شيء، وأنهى حديثه ومازلت إلى الآن اعاني من تأمين قوتنا اليومي لـي ولعائلـتي واحتياجـات ابنتي الصغـيرة».
«القدس العربي»