اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أوروبا والأوروبيين بعدم عمل ما فيه الكفاية لمواجهة أزمة اللاجئين. وذلك في محاولة منه للرد الرد على النقاش الدائر في الأوساط الأوروبية خاصة البريطانية حول مخاطر الهجرة من تركيا نفسها على أوروبا.
واحتدم النقاش في بريطانيا، يوم الأحد بين الداعين للخروج من الإتحاد الأوروبي والمؤيدين للبقاء حيث حذرت مسؤولة في حزب المحافظين الحاكم من مخاطر انضمام تركيا للإتحاد الأوروبي وتدفق 76 مليون تركي على أوروبا وقالت إن نسبة الجريمة بينهم عالية والسلاح منتشر في تركيا وهو ما يهدد أمن القارة وبريطانيا.
ورد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على المسؤولة بالقول إن كل دولة أوروبية لها حق الفيتو على انضمام تركيا للإتحاد الأوروبي وإن دخول أنقرة النادي الأوروبي لن يحدث إلا بعد استيفائها الشروط اللازمة.
وفي مقال للرئيس التركي نشرته صحيفة «الغارديان» دعا فيه أوروبا للترحيب بـ 3 ملايين لاجئ يعيشون في تركيا. وجاء مقال أردوغان متزامناً مع مؤتمر الإغاثة الإنسانية العالمي الذي بدأ أعماله في مدينة اسطنبول وشارك فيه رؤساء دول ورؤساء وزراء ومسؤولون من 100 دولة «ويعكس امتنان الأمم المتحدة بالدور الذي تلعبه تركيا في استقبال اللاجئين أكثر من أية دولة أخرى. ولكن المدى الذي تحطم فيه نظام الإغاثة الدولي «يثير القل» كما قال أردوغان مشيراً إلى أن هناك حوالي 60 مليون شخص يعتمدون في حياتهم على الدعم الإنساني.
وبحسب المفوضية السامية للأجئين التابعة للأمم المتحدة فقد وصل عدد اللاجئين منذ الحرب العالمية الثانية إلى درجات مثيرة للقلق «ولا يزال نظام الإغاثة الحالي والذي يعتمد على الأمم المتحدة تحت رحمة دول بعينها. مع أن المشكلة عالمية ويجب التصدي لاحتياجات الملايين الذين تأثروا بالحروب والنزاعات والكوارث الإنسانية في كل عام».
مشكلة عالمية
وتحدث أردوغان عن النزاع العنيف الجاري في سوريا وليبيا واليمن والذي يحصد أرواح الكثيرين كل يوم.
وفي الوقت نفسه تلاحق الكوارث الطبيعية والتوترات العرقية دول أفريقيا وآسيا. «وفي الذهن تعلق صور اللاجئين الذين يتدفقون على أبواب الحدود وكذا جثث الأطفال الأبرياء الملقاة على الشاطئ والناس الذين يعيشون في ظروف الفقر المدقع وتعبر عن التراجيديا التي تعلم حياة الناس في الكثير من الأماكن». وأشار أردوغان لما تهدف قمة اسطنبول لتحقيقه من مثل إصلاح نظام الإغاثة الإنسانية والحصول على التزامات على المدى البعيد وتطوير القدرات.
وهو يرى أن مجرد وجود رؤوساء دول ومنظمات غير حكومية والقطاع الخاص ومن تأثروا بالأزمات الإنسانية في القمة يعد تطوراً مهماً ويساعد على التوصل لحلول وإجابات.
وعلق أردوغان قائلاً إن «تركيا تحولت لملجأ للهاربين من الحروب والدمار والاضطهاد، ونقدم اليوم المساعدة للاجئين من 140 دولة تقريباً ومن خمس قارات.
وفي الحقيقة لا تزال تركيا الدولة الأكثر كرماً وتنفق جزءاً كبيراً من دخلها القومي العام على المساعدات الإنسانية».
وقال إن «ما يميز تركيا عن البقية هو التزامها ومحاولتها لتحقيق فرق على الأرض وتغيير حياة الناس، بدلاً من محاولة تحقيق أجندات خفية ورسم جداول خيالية أو معاملة الناس المحتاجين بطريقة مذلة».
وذكر أردوغان بالصومال قائلاً «عندما زرت الصومال عام 2011 وجدت بلداً أدار العالم ظهره له. فالصومال التي ينظر إليها الكثيرون كدولة فاشلة تعاني من الجفاف والمجاعات والنزاع كانت مدمرة أيضاً. وأعلنت تركيا عن تعهد لمساعدة الشعب الصومالي للوقوف على قدميه – وهي مهمة استطاعت مؤسسات الإغاثة التركية بالتعاون مع المنظمات المحلية تحقيقها في خمسة أعوام. وساهم التقدم الذي لا يصدق بدعم الاستقرار السياسي ومواجهة الإرهاب وتحقيق الأمن للمواطنين، ولم يلهم هذا بقية المنطقة بل وأعطانا القوة لمساعدة الآخرين».
أبوابنا مفتوحة
واعتبر أردوغان «رد تركيا على الأزمة السورية نجاحاً آخر. فقد تبنينا سياسة الأبواب المفتوحة إزاء اللاجئين السوريين منذ عام 2011، ونستضيف اليوم 3 ملايين لاجئ سوري من طوائف وأديان مختلفة. وخصصت تركيا في السنوات الماضية 10 مليارات دولار لتقديم العناية الصحية والتعليم والسكن للاجئين السوريين.
وفي الوقت الذي فشل فيه المجتمع الدولي بمساعدة الشعب السوري الذي خسر 600.000 من أبنائه في الحرب الأهلية وتشرد منه 13 مليون نسمة وترك تركيا ودول الجوار لمواجهة آثار الأزمة. ومع دخول الأزمة عامها السادس فنحن نطالب المجتمع الدولي بإنشاء آلية عادلة للتشارك في تحمل العبء».
لا تصدقوا الأسد
واتهم أردوغان المجتمع الدولي بتجاهل مسؤولياته تجاه سوريا وغض الطرف عن جرائم بشار الأسد ضد أبناء شعبه ولم يلتفت الغرب إلا «بعد ظهور اللاجئين في شوارع أوروبا وبدأت منظمات إرهابية مثل تنظيم «الدولة» بمهاجمة المواطنين الأوروبيين، وعندها شعر القادة الأوروبيون بأنهم لن يستطيعوا تجاهل المشكلة.
وكان يمكن تجنب الكثير من المشاكل المتعلقة في سوريا لو تدخل العالم في النزاع مبكراً. ولكن الوقت لم يفت لو أراد قادة أوروبا الإلتزام اليوم ولكن بشكل صحيح».
وهو يرى أن السيطرة على المهاجرين غير الشرعيين يقتضي عملاً مشتركاً بين أوروبا وتركيا وخلق آلية قانونية من مثل اتفاق آذار/مارس 2016 من أجل إعادة توطين اللاجئين السوريين، ومكافأة اللاجئين الذين يلتزمون بالقوانين وإعادتهم إلى تركيا وبهذه الطريقة يتم إقناعهم بعدم المخاطرة بحياتهم وركوب المخاطر في البحر.
وحذر أردوغان الغرب بعدم الوقوع بمصيدة الأسد حيث يقول إن أية محاولة للتخلص من نظامه ستؤدي لزيادة العنف في سوريا «ولمنح الديمقراطرية فرصة كي تزدهر في سوريا علينا أن نلتزم بهزيمة تنظيم الدولة ونظام الأسد، بدلاً من التعامل مع أقل الشرين. ولأن أوروبا لها مصلحة في أوروبا فيجب على الإتحاد الأوروبي العمل مع تركيا والدول الأخرى والتوصل لحل دائم».
ويؤكد الرئيس التركي أن الشعب السوري سيظل يعاني حتى يعبر المجتمع الدولي عن التزام حقيقي بحل النزاع ومنع الهجوم على المدنيين وإنشاء منطقة خالية من الإرهاب داخل البلد. ويجب أن يقود مجلس الأمن الدولي الجهود بهذا الإتجاه «ونحث الدول الأعضاء فيه على دعم السلام والإستقرار والأمن في كل انحاء العالم بدلاً من النظر للمصالح قصيرة الأمد لاعضائه».
وتأتي دعوات أردوغان في وقت أكد فيه سلطته بالبلاد ودعم تعيين رئيس وزراء جديد وهو بنعلي يلدرم، وزير الاتصالات السابق خلفاً لرئيس الوزراء المستقيل أحمد داوود أوغلو. وكان الرئيس التركي قد دعا يوم الأحد أوروبا تحمل مسؤولياتها بشأن المهاجرين.
ولكنه أسهم بدون أن يدري في إشعال النقاش الدائر داخل الأوساط البريطانية بشأن منح بلاده عضوية في الإتحاد الاوروبي. وتقول «الغارديان» إن مكتب أردوغان رفض الإنجرار إلى لعبة الأرقام وعدد اللاجئين السوريين الواجب السماح لهم بدخول الغرب، إلا أن دبلوماسيين أتراكاً تحدثوا عن نصف مليون شخص.
وقالت نائبة شؤون الهجرة والتأشيرات التركية إيسن ألتوغ في مؤتمر الهجرة الذي عقد باسطنبول «هناك 3 ملايين لاجئ الآن في تركيا، واستقبلت كندا منهم 2.000 شخص. وللأسف فعدد الذين سمحت لهم أوروبا بدخول أراضيها قليل، ولهذا نريد إعادة توطين حوالي 500.000 في أوروبا- من خلال برنامج طوعي طبعا- فهذه العائلات السورية ترغب في الذهاب إلى أوروبا».
وتبدو إشارة أردوغان لاتفاق آذار/مارس مهمة فقد تراجع عدد المهاجرين الذين يعبرون بحر إيجة باتجاه أوروبا بشكل ملموس، إلا أن المشاكل القانونية والسياسية للإجراءت كشفت مع تراجع أعداد اللاجئين كما تقول «الغارديان» في افتتاحيتها.
مشاكل وخلافات
وترى أن تجدد الخلافات بين أنقرة وبروكسل خطيرة. ويمكن تفهم عدم ارتياح الإتحاد الأوروبي وكذا الحنق التركي.
ومن هنا فطريقة إدارة هذه الخلافات ستحدد الطريقة التي يتم التعامل فيها مع الإتفاق.
ومشكلة أوروبا أنها لا تملك تأثيراً على النظام السياسي في تركيا بل وتعتمد عليه.
وترى أن التطورت الأخيرة تظهر «هشاشة» الإتفاق، فقد عبر رئيس المفوضية للإتحاد الأوروبي جين كلود يونكر أن الإتفاق سيكون باطلاً لو لم تقم تركيا بتعديل قوانين الإرهاب التي تطبقها. ولن يسمح للأتراك بالحصول على تأشيرة دخول حرة إلى منطقة الشينغين إلا بعد إلغاء قوانين الإرهاب.
فحرية الحركة للأتراك داخل الإتحاد الأوروبي والدعم المالي هي جزء من المحفزات التي قدمت لتركيا مقابل استقبالها اللاجئين الذين لم ينجحوا بالحصول على لجوء سياسي في أوروبا.
وأشارت إلى نكسة جديدة للاتفاق المتمثل بموافقة البرلمان التركي على تعديل دستوري يسحب الحصانة عن نواب، وهو تحرك من المتوقع أن يخرج النواب الأكراد الذين تتهم الحكومة بعضهم بالتعاطف مع حزب العمال الكردستاني- المصنف إرهابياً. أما الإنتكاسة الأخرى فهي قرار محكمة يونانية بعدم السماح لإعادة اللاجئين الذين فشلت طلباتهم إلى تركيا باعتباره خرقا لميثاق اللاجئين عام 1951 والذي يحظر إرسالهم إلى دول غير آمنة.
وجاء هذا بعد انتقاد منظمات حقوق إنسان تركيا لمنعها اللاجئين القادمين من سوريا دخول أراضيها. وألمحت الصحيفة إلى محاولات اردوغان مراكمة السلطة وتعيين رئيس وزراء جديد موال له، أي علي بن يلدرم.
وتعلق الصحيفة أن الفكرة وراء الإتفاق الأوروبي- التركي لم تكن فقط التخفيف من المعاناة الإنسانية بل الحد من الردود المعادية للمهاجرين في عبر أوروبا.
ولأن الوقت كان ملحاً من ناحية بدء الفصل الدافيء الذي يسمح بحركة المهاجرين عبر البحر نحو أوروبا وبأعداد كبيرة. كما أن الوقت مهم من ناحية اقتراب موعد الإنتخابات الأوروبية بما في ذلك الإستفتاء البريطاني حول البقاء في الإتحاد الأوروبي. ولكن استخدام معسكر الداعين للخروج تركيا للتحذير من مخاطر أوروبا كان قائماً على رؤية كاذبة لأن الإتفاق لم يعد تركيا بعضوية كاملة في الإتحاد الأوروبي.
كما أن السماح بحرية الحركة للأتراك في منطقة الشنغين لا تعني تدفق أعداد كبيرة لهم. وهناك إشارات عن عدم قدرة تركيا الوفاء بشروط الإتفاق بحلول شهر حزيران/يونيو المقبل، ولكن إلغاء الإتفاق لن يكون في صالح تركيا ولا الإتحاد الأوروبي. وكلا الطرفين بحاجة لاستمرار التعاون في مسألة اللاجئين والتي أصبحت الكلمة المفتاح لصعود اليمين المتطرف.
فوز في النمسا
وأوضح دليل هو الانتخابات الرئاسية في النمسا، ومهما كانت النتائج فيبدو أن الناخب في النمسا منح انتصاراً لفيلق من الأحزاب اليمينية المتطرفة في عموم القارة الأوروبية.
ويرى سايمون تيسدال في صحيفة «الغارديان» إن الدعم الشعبي الكبير لمرشح حزب الحرية المتطرف نوربت هوفر يعبر عن نقطة تحول مع الماضي وعودة له «فمن إيسكس (بريطانيا) إلى إيسن (ألمانيا) ومن أثينا إلى أرهوس (الدنمارك) فمستوى التصويت ينظر إليه على أنه حكم بالإعدام على أحزاب الوسط/ المركز التي تسيدت أوروبا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية».
ويقول إن حزب الحرية تغير كثيرا منذ مؤسسه يورغ هايدر الذي استند على الدعاية النازية والذي شارك في الحكومة الوطنية عام 2000.
وأدى فوز حزبه بنسبة 27% لإحداث هزة في القارة الأوروبية. واتخذ الإتحاد الأوروبي قبل 16 عاماً سلسلة من الخطوات مثل فرض عقوبات دبلوماسية ووضع البلد بشكل يشبه الحجر الصحي. ولم تعمر هذه الإجراءات طويلاً بسبب احتجاج الدنمارك. ومن المستبعد اتخاذ إجراءات مماثلة هذه المرة.
والسبب أن الـ 28 دولة الاعضاء في الإتحاد الأوروبي لديها أحزابها المتطرفة، وبعضها مثل «الفنلنديين الحقيقيين» في فنلندا وصلت إلى الحكم. أما البعض الآخر مثل حزب «البديل» الألماني و«حزب الشعب الدانماركي» تحولت لعرابي سلطة.
وفي بولندا استخدم حزب القانون والعدل القومي المتطرف فوزه في انتخابات الخريف لتحدي أوروبا الليبرالية ومواقفها المتعلقة بالعدل والقانون والإعلام والخدمات المدنية والحقوق القانونية إلى الإجهاض.
ويقول إن موقف بولندا المتحدي لا يثير الدهشة ففيكتور أوربان، رئيس الوزراء الهنغاري سخر من أوروبا بمواقفه المعادية للتجارة الحر والمهاجرين وتلك المؤيدة لروسيا. وفي فرنسا تنتظر الجبهة الوطنية الإنتخابات الرئاسية والتشريعية في العام المقبل حيث تأمل بالحصول على حصة كبيرة من أصوات الناخبين.
ويرى الكاتب أن السبب المشترك في صعود هذه الأحزاب هو سوريا وتدفق المهاجرين منها وشعور المواطن في هذه البلدان بعدم توفر الوظائف وخيبة الأمل في أحزاب الوسط واليسار وعدم الثقة في الإتحاد الأوروبي النخبوي وغير الديمقراطي وما يمكن وصفه بأزمة الهوية ـ أي غياب التماسك الثقافي والإثني والقومي. ويرى تيسدال أن تحالف المحافظين واليساريين لمنع هوفر من الوصول للسلطة لم ينجح مثلما لم تنجح سياسات عزل اليمين المتطرف في بداية عام 2000 وهناك بالضرورة حاجة للمواجهة أو التعاون المباشر.
وما يدعو لهذا هو غياب تظاهرات الشوارع العارمة التي شهدتها النمسا ضد صعود هايدر. ولم تخرج تظاهرات في ألمانيا ضد حزب البديل وغيره من الجماعات المتطرفة إلا بقدر يسير. ورغم صعود اليسار المتشدد لقيادة حزب العمال إلا أن هذا اليسار يظل بعيداً عن هموم الناس الحقيقية والمتعلقة بالهجرة والاقتصاد.
وعليه فإن انفجار أحزاب الوسط والظروف الاقتصادية فتحت المجال امام دخول احزاب اليمين المتطرف. وهناك عامل آخر يتعلق بالشباب الغاضب وشعوره بالعزلة.
ولهذا ترى صحيفة «التايمز» في افتتاحيتها أن أوروبا تعيش مرحلة من «الترامبية» وهذه لا علاقة لها كثيراً بالمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب.
فالخطاب الأوروبي يظل صامتا وينبع من تاريخ حالك. لكنها ظاهرة تشترك مع ترامب في محاولة استقطاب الناخبين نفسهم: الشبان الغاضبون الذين يشعرون بالتشوش والقلق من خسارتهم حقوق المواطنة التي تمتعوا بها من قبل ومن هنا يمثل المهاجرون بالنسبة لهؤلاء الناخبين أعلى شكل من أشكال العولمة.
حكام أوروبا
وعلقت «التايمز» في افتتاحيتها على على الفرص الكبيرة لفوز هوفر بأنها نتاج للهجرات الجماعية التي تضرب أوروبا والتي تدفع الأوروبيين باتجاه اليمين في كل أنحاء القارة. وقالت في افتتاحيتها أن»نصف سكان النمسا، مسقط رأس أدولف هتلر، الزعيم النازي، صوتوا لحزب اليمين كي يقود الدولة». وقالت «بعد تأرجح ولسنوات بين الإشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين أو خليط بينهما تخلى النمساويون عن الوسط».
وترى أن صعود هوفر سيكون دافعا لهوية جديدة في السياسة. وتشير إلى أن الميل لليمين المتطرف سببه تدفق اللاجئين غير المنضبط من سوريا والمهاجرين من دول الصحراء الإفريقية. فقد غير كل هذا شروط اللعبة السياسية في أوروبا «وربما قادت لفوز مارين لوبان، زعيمة الجبهة الوطنية في انتخابات الرئاسة الفرنسية العام المقبل».
وقادت المخاوف من المهاجرين إلى تحالف مع اليمين المتطرف في النرويج وفنلندا، وحرفت السياسة في هولندا والدنمارك وغذت صعود حزب الإستقلال في بريطانيا.
ويريد مؤيدو هوفر حكومة تؤكد على القيم المسيحية وتتبنى سياسات اشتراكية. ومثلما وجد حزب الإستقلال البريطاني مؤيدين في قواعد حزب العمال وجد حزب الحرية مؤيدين له في داخل يسار الوسط النمساوي.
ويتهم هؤلاء اليسار بفشله في حماية دولة الرفاه. وتتحدث عن اسراتيجية هوفر لإقناع الناخب حيث تجنب النزعة المؤيدة لهتلر التي تبناها هايدر.
وألقيت مشكلة عداء السامية على المسلمين. ومع أن منصب الرئيس النمساوي يظل إسميا إلا أن فوز هوفر به سيعطي حزبه احتراماً ويعبد الطريق أمام فوزه في الانتخابات العامة.
وتقدم صورة عن حكام أوروبا قائلة «هؤلاء هم حكام اوروبا اليوم: روسيا وتركيا يحكمهما مستبدان، وكلاهما يستخدم خوف أوروبا من اللاجئين لمصالحه. ويحكم المجر وبولندا وسلوفاكيا قوميون متطرفون. وفي غرب أوروبا يملأ اليمين المتطرف الفراغ الذي احتله تقليديا المسيحيون الديمقراطيون والإشتراكيون. ويقدم اليمين نفسه كطرف قوي ورجاله أقوياء ولكنهم ليسوا سوى انتهازيين.
وعلى الأحزاب المسيحية إن أرادت النجاة تقديم إجابات حول الهجرة الجماعية لانها دفنت رأسها بالرمل مثل النعامة ولوقت طويل».
القدس العربي – ابراهيم درويش