انشغلت وسائل الإعلام بكافة أشكالها خلال الأيام القليلة الماضية بتغطية أحداث الحرائق التي اشتعلت بشكل جنوني في إسرائيل والتهمت معها الأراضي وتسببت بدمار هائل في الأبنية والممتلكات وامتدت على مساحات شاسعة من أحراج الكرمل وجبال القدس ومناطق من الجليل ووادي عارة، لتقف دولة إسرائيل للمرة الأولى عاجزة عن إيقافها والحد من انتشارها.
وهنا برزت عضلات الدول الصديقة لها في المشاركة بإرسال طائراتها لإخماد مساحات النيران المشتعلة، وهي أمريكا اليونان وإيطاليا وكرواتيا وروسيا وقبرص وأخيرا تركيا، واعتبر الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتياهو أن الحريق مفتعل وبفعل فاعل ويدل على تفاقم الإرهاب، بينما اعتبر بعض المحللين أن الحرائق هي غضب من الرب على منع الآذان في المساجد ورد على ذلك.
ونظرا لذلك اعتقلت السلطات الإسرائيلية ثمانية أشخاص على خلفية الحادثة من المشتبه بهم بضلوعهم فيها، وأمنت مأوى للعائلات النازحة من المناطق المشتعلة.
لسنا بصدد استعراض أحداث الحريق وتبعياته، إلا أن هناك تساؤلات عدة تراود أذهاننا حول انشغال العالم والمجتمع الدولي وحتى الإعلام بقضايا وتحليلات قد تكون غير مهمة مقارنة بالأحداث الدامية والمخزية التي تحدث في حلب الشرقية، بعد أن أحكم النظام حصاره على أحيائها منذ مايقارب 100 يوم، فخيم الجوع والعطش والحرمان على سكانها، ولم تقتصر معاناتهم على ذلك، فالقصف الجوي والمدفعي لا يكاد يتوقف أبدا لافي الليل ولا في النهار، ما تسبب بوقوع مجازر يومية بحق المدنيين، فأي فاجعة قد تلحق بالبشر أكثر من ذلك.
ويتساءل أحد مدنيي حلب عما يحدث في الآونة الأخيرة:” لماذا لم تتدخل تركيا وترسل بعضا من قواتها لفك الحصار عن المدنيين في حلب، وتساهم في قتال قوات المجرم الذي انتهك كافة معايير الإنسانية ولم يقم أي اعتبار لآلاف الأطفال الذين لاذنب لهم في هذه الحرب الدامية، وهم بحاجة ماسة لغذاء ودواء ومتطلبات أخرى نعجز أن نؤمن لهم أبسطها، فمن أجل إسرائيل انتفضت جميع الدول وتنخت لنصرتها، وحلب تحترق منذ سنوات والعالم أصم أبكم لم يقدم لنا سوى سياسة التنديد والمجاملات التي لا تقدم ولا تؤخر، إلى الله المشتكى وحكمته أقوى من أفعالهم والدليل الجازم ما يحدث في إسرائيل، فجبروتهم وطغيانهم لم يوقف تلك النيران”.
في إسرائيل هناك شكوك لوجود فاعل، أما في سوريا فمرتكب الجرائم معروف وموجود وعلى مرأى العالم، لم لا يتحرك المجتمع الدولي لمحاسبته وإجباره أن يتوقف عن قصف المدنيين، أم أن مصالحهم لا تقتضي ذلك وتستوجب التقرب من إسرائيل، وعدم التدخل بما يجري في سوريا، والاكتفاء بالمراقبة من بعيد للمجازر فيها، لله المشتكى فقدرته أقوى من طائراتهم، فهل سيعتبر النظام السوري مما حدث في إسرائيل ويرتدع قليلا في طغيانه؟.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد