” اتركوا حزب الاتحاد الديمقراطي وتمسكوا بنا وبالمعارضة السورية التي تنسق معنا ومع المملكة العربية السعودية لمحاربة تنظيم “داعش”، بهذه الكلمات وجه الوفد الرئاسي بقيادة الرئيس أردوغان رسالته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما عرض عليها تدخلا بريا بغطاء جوي بقيادة أمريكا،. وعلى الرغم من كل هذه العروض والنداءات، إلا أن الموقف الأمريكي ما زال متمسكا بحزب الاتحاد الديمقراطي!.
جمال تشيشك: “الذنب لم يكن أمريكيا”
لقد كتبت في مقال سابق وقلت: “إن أمريكا لن تسمح بالتدخل التركي في الساحة السورية حتى لا تفسح المجال لأي نفوذ تركي هنالك، لكن وعلى الرغم من اعترافات مساعد وزير الدفاع الأمريكي “باول والفتز “، بأنهم هم من أخلف الوعود التي قطعوها لتركيا في حرب الخليج الأولى” إلا أن الوزير الأسبق، والمرشح عن حزب العدالة والتنمية الحالي، “جمال تشيشك” يقول: “إن السبب الحقيقي وراء عدم دخول تركيا إلى الحدود العراقية في حرب الخليج لم يكن بسبب الولايات المتحدة الأمريكية، بل كان بسبب المعاهدة والاتفاق الذي وُقّع بين الطرفين”. فبينما كان رئيس الجمهورية حينها “تورغت أوزال” يتمسك بتطبيق الاتفاقية، كانت المعارضة التي تتشكل ضد تلك المعاهدة تكبر شيئا فشيئا حتى انضم إليها رئيس الوزراء “يلدرم اكبولت” ووزير الدفاع “نجيب توروم تاي”، كما وانضم إليهم الرأي العام الذي كان خائفا من فكرة دخول البلاد في الحرب.
“كدنا نقع في فخ الموت الثلاثي”
لم يستطع الرئيس أوزال عمل ما يطمح إليه من خلال اتفاقه المُوقّع مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتم تبرير ذلك بأشكال ومسميات مختلفة، ليكون هذا التأخير في التدخل هو السبب الرئيس في انتعاش حزب العمال الكردستاني بين سوريا والعراق، وذلك حسب ما أورد “جمال تشيشك”، فقد صرح بأن فشل التدخل التركي في تلك الأيام كان سببا رئيسا في عودة الحياة إلى فكرة الدولة الكردية. لكن في المقابل سمعنا للرأي الآخر الذي ظهر في تصريحات سفير واشنطن في أيام حرب الخليج الأولى عندما قال: ” لو دخلت تركيا المعركة لورطتنا أمريكا بحرب خاسرة، تذبح فيها جنودنا في مثلث الموت بين بغداد ودمشق، فالنوايا الأمريكية كانت واضحة منذ تلك الأيام وإلى الآن، والتي تشير إلى أنها لن تقبل ولن ترضى بأي تدخل تركي في تلك البلاد”.
” إلى الآن لم نعرف حقيقة التحالفات وماهية العلاقات بين الأطراف المختلفة في الساحة السورية”
ملابسات وتفاصيل الأحداث الحالية تختلف عما كانت عليه الأوضاع في حرب الخليج الأولى، ففي تلك الأيام كان التدخل التركي المُقترح مدعوما ومُغطى دوليا من قبل الأمم المتحدة، بسبب مشاركة 33 دولة أخرى في الحرب، بينما نرى اليوم بأن اقتراح التدخل التركي لا يلقى أي دعم دولي أو غطاء أممي، وفي جانب آخر من الصورة نرى أيضا بأن صدام حسين كان وحيدا في تلك الأيام، بينما نرى بشار اليوم مدعوما من قبل روسيا وإيران، ولهذا يقول “جمال تشيشك “: ” لم تستبين الأطراف والتحالفات إلى الآن في الساحة السورية، حتى وإن قالت لنا أمريكا: بأنها ستتخلى عن حزب الاتحاد الديمقراطي، ثم طلبت منا التدخل، يجب علينا أن نفكر حينها 9 مرات قبل أن نقدم على ذلك”.
زد على كل ما سبق حقيقة تغير الخارطة السياسية للمنطقة، ففي الوقت الذي رأينا فيه أمريكا وهي تتحرك لتحل مشكلة اللاجئين في حرب الخليج بفرض منطقة آمنة، نراها اليوم ترفض هذه المنطقة عندما اقترحتها أنقرة، لمنع أي نفوذ تركي قد ينتج عن هذه التدخل!
ترك برس