من الأمثال العربية الشّهيرة:
يُضرَبُ هذا المثلُ عند اتّفاق العقلاء، أو عند حدوثِ وِفاقٍ وتفاهم بين المتحابّين والمتزوّجين. وله في كتب التراث قصّة شهيرة حدثت مع رجلٌ وامرأة من دُهاة العرب.
تقول القصّة:
يُحكى أنّ رجلا حكيماً من دهاة العرب يقال له “شن”، كان له شأنٌ فيما مضى، ويستمع الناس له.
رغب يوماً في الزّواج، فأراد أن تكون طباع زوجته كطباعه؛ توافقه من حيث الذكاء والحصافة، فقرر أنْ يضرب في طول البلاد وعرضها إلى أنْ يلتقي بها.
وفي يومٍ من الأيام قال في نفسه: ” والله لأطوّفنَّ حتّى أجد امرأة مثلي أتزوجها”، وراح يجوب البلدان بحثا عن شريكة حياته.
شاهد كيف يكون الأخ سبب مآسي أخوته ويسلب أملاكهم!!
وفي إحدى جولاته قابل رجلا في الطريق فسأله “شن” عن وجهته، فعرف أنّه يقصد البلد ذاته، فترافقا وسارا معاً.
وبينما هما في الطريق يركب كلٌّ منهما على راحلته، قال له “شنٌّ”: أَتَحْمِلُني أمْ أحْمِلُكَ؟
فضحك الرجل وقال له: يا جاهل أنا راكبٌ وأنت راكب، فكيف تحملني أو أحملك؟
فسكت “شن” وسارا معا حتى وصلا إلى قرية، فرأى “شن” زرعاً قد استحصد، فقال للرجل: أترى هذا الزّرع أُكِلَ أم لا؟ فقال له الرجل: يا جاهل ترى نبتاً مستحصدا فتسأل أُكِلَ أمْ لا.
فسكت عنه “شن” حتى دخلا القرية فلقيا فيها جنازة، فقال له “شنّ”: أترى صاحبَ هذا النّعش، أهوَ ميتٌ أم حيّ؟
فقال له الرّجل: ما رأيت أجهل منك، ترى جنازة وتسأل عن صاحبها أميتٌ هو أمْ حيّ.
فسكت “شنٌّ” وأراد مفارقة الرجل، لكنّه أبى أن يتركه حتى يسير معه إلى بيته فوافقه “شن”.
وكان للرجل بنتٌ يقال لها “طَبَقَة”، فتاةٌ في غاية الجمال والدّهاء والذّكاء، فلمّا دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه، فأخبرها عن مرافقته له وما جرى بينهما، وشكا إليها جهله، وحدّثها بحديثه، فقالت له: يا أبتِ ما هذا بجاهل.
أمّا عن قوله: أتحملني أم أحملك؛ فأراد أتُحَدِّثُني أم أُحدِّثُك حتى نقطع طريقنا؟
وأمّا قوله: أَترى هذا الزّرع أُكِلَ أمْ لا؛ فإنّما قصدَ به هل باعهُ أهلُه فأكلوا ثمنه أم لا؟
وأمّا قوله عن الجنازة هل صاحب النعش ميت أم حي؛ فأراد هل ترك أحداً يحي به ذِكرا أم لا.
فخرج الرجل من عند ابنته، وذهب إلى ضيفه، وبعد ساعة قال له أَتُحِبُّ أنْ أُفسِّرَ لك ما سألتني عنه؟ قال “شن”: نعم، فقال الرجل كذا وكذا.
قال له “شن” ما هذا بكلامك، فأخبرني عن صاحبه، فقال له إنّها ابنتي “طبقة”، فأعجب “شنٌّ” بدهائها، فخطبها من أبيها، فزوّجه إيّاها، فأخذها “شن” وسار بها إلى أهله، ولمّا شاهدوها، وعلموا فطنتها وذكاءها وعقلها قالوا: “وافق شنٌّ طبقة”.
قصّة مثل:
مجمع الأمثال للميداني، ٢/ ٣٥٩ رقم(٤٣٤٠)