أن يأخذ أحد ما مكان الأم التي تعتبرها كل حياتك أمر يصعب تقبله.
بالرغم من مضي السنوات عليه والعديد من المحاولات للتأقلم مع وجود شخص آخر قد حلّ مكان الأم شعور قاسٍ ومؤلم جدا، لأن الأسى مضاعف فهو يحمل وجهين موجعين، الأول فراق الأم وابتعادها عن أطفالها والوجه الآخر ظلم زوجة الأب التي أخذت مكانها، هذا هو حال مريم.
عبرت مريم ذات السبعة عشر ربيعاً عن مدى تألمها وحزنها لغياب أمها، وخاصة في مناسبات النجاح والأعياد فهي تفتقدها كثيراً “انا كتير بشتقلا ل ماما مع انو كل فترة بروح بشوفا ”
ثم تصمت مريم وتجهش بالبكاء لتلملم دموعها المسترسلة على خديها، وتزيح خصلات شعرها السوداء عن وجهها الرفيع، لتوضح بعدها مدى الحزن والقهر التي تمارسه زوجة أبيها والعلاقة السيئة بينهما ” بشعر بجرح كبير وقت بشوف زوجة بابا بنفس المكان الي كان ل ماما بالبيت”.
عاشت مريم مع زوجة أبيها في قرية دير حسان التابعة لريف إدلب، حالة من عدم الاستقرار النفسي من خلال أسلوب الترهيب والتخويف التي تمارسه على مريم، مما يفقد المحبة والاحترام بينهما.
مع أنها كانت تتعامل مع أبنائها بطريقة مختلفة، تتابع مريم حديثها ” زوجة بابا بتعاملني بقسوة وبطريقة سيئة بعكس مابتعامل ولادها إلي هني أخواتي”.
فمنذ الانفصال الذي حدث بين والدها وأمها عام 2019 وزواج والدها من امرأة أخرى، تغيرت الأحوال وكثرت المشكلات وأضفى الجفاف والخشونة سيطرته على حياة مريم وأيامها.
“وقت يكون بابا موجود كتير بتكون منيحة وبس يروح بتعمل عكس هالشي” لتخلق روحاً متعبة مستسلمة وكأن مريم فقدت نفسها وشغفها بالحياة وتبحث عمن يعيد لها ضحكتها الطفولية، ونومها الهادئ وقلبها المقيد بذكريات جمعتها مع أمها..
ولكن دون جدوى، فهي لن تحصد سوى مضي الوقت وانتهاء كل شيء جميل في ظل فراق والدتها وحنانها ووجود زوجة أب توقع الظلم والأذى عليها.
جحيم الظلم مكروه وموجع، وعدم التفاهم يخلق حالة من الفوضى في المشاعر. والحياة رغم محاولات الآباء إدراك الموضوع والسيطرة عليه بالحب والاهتمام، لكن الظروف أحيانا تكون أقوى لتصبح أكبر طموحات بعض زوجات الأب هي استحواذ الأب والتخلص من أبنائه، لتستحوذ على كامل اهتمامه وعنايته دون أن يقاسمها أحد ” بابا كتير بحبني وبحاول يفرحني ع طول بس زوجتو بتمنعو أكتر الأوقات”.
تعمل مريم بعد أن تزوجت حديثاً، على تأمين حياة أفضل مع زوجها في بيتها الجديد، و تطمح لتحقيق السعادة داخله و إدخال السرور إليه بشتى الطرق، محاولة العيش بهدوء وكلام مملوء بالمحبة والعطف وبناء جو أسري ممزوج بالرحمة والحنان لتكمل حياتها بوئام و سلام .
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع