يخيم الفشل على مفاوضات جنيف الخاصة بالسلام في سوريا، على الرغم أنها لم تبدأ فعلياً وما تزال في طور المشاورات، مع رفض نظام الأسد وقف القصف والسماح بإدخال المساعدات للمدنيين.
وتتعرض المعارضة السورية لضغوط دولية مكثفة لإقناعها بالبقاء في جنيف، وعلى الجانب الآخر تواجه ضغوطاً شعبية “أخلاقية” تطالبها بالمغادرة.
وتعلق واشنطن آمالاً كبيرة على المحادثات في جنيف 3؛ لكونها المرة الأولى التي تجتمع فيها الأطراف الراعية للصراع في سوريا، لكن يبدو أن القصف المكثف للروس على مناطق المعارضة السورية يجعلها في مهب الريح.
-دويلة علوية
وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، فتح النار على موسكو الثلاثاء، متهماً إياها بأنها تستغل المحادثات الجارية حالياً في جنيف، لاقتطاع دويلة علوية للأسد في سوريا، مضيفاً: “أن روسيا تنتهك القانون الدولي بقصفها المدنيين في سوريا دون تمييز”.
وتبادلت روسيا وبريطانيا الانتقادات اللاذعة بعد أن قال وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، لـ”رويترز”، الثلاثاء، إنه يعتقد أن “الرئيس فلاديمير بوتين يؤجج نيران الحرب الأهلية السورية، بقصف أعداء داعش”.
وقال هاموند للصحفيين: “هل روسيا ملتزمة حقاً بعملية سلام أم تستخدم عملية السلام كورقة توت، تخفي وراءها محاولة لتقديم نصر عسكري من نوع ما للأسد يتمثل في إقامة دويلة علوية في شمال غرب سوريا؟”.
في المقابل، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي جاتيلوف، الثلاثاء، قوله: “إن موسكو مستعدة للتنسيق مع الولايات المتحدة للتوصل لوقف إطلاق النار في سوريا، وإنه سيكون من الصعب التوصل لاتفاق سلام دون مشاركة الأكراد في المحادثات” على حد تعبيره.
-دي ميستورا.. غير متفائل
المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، لم يكن هو نفسه أكثر تفاؤلاً، إذ أشار في حديث تلفزيوني، مساء الثلاثاء، إلى “أن الانهيار الكامل للمحادثات محتمل دوماً، لكن علينا قطعاً محاولة ضمان عدم فشلها”.
واحتدمت المعارك بشكل عنيف اليوم في محيط حلب في شمال سوريا، الأمر الذي وصفه عضو وفد المعارضة، رياض نعسان آغا، بـ”التصعيد الجنوني لقوات النظام وإيران والطيران الروسي على حلب”، مضيفاً: “هناك قتل عشوائي يستهدف المدنيين والنظام يحاصر حلب”.
ومن جانبه، أعلن رئيس الوفد الحكومي السوري إلى محادثات جنيف3، بشار الجعفري، الثلاثاء، بعد لقائه دي ميستورا، أن المفاوضات غير المباشرة “لا تزال في مرحلة التحضيرات”، مبيناً “ما زلنا بانتظار معرفة مع من سنحاور، لا شيء واضح حتى الآن”.
وكانت المعارضة السورية قد رفضت المشاركة في محادثات جنيف قبل أن يقوم النظام بوقف قصف المدنيين وإدخال المساعدات للمناطق التي يحاصرها، لتعلن المعارضة موافقتها على الذهاب إلى جنيف، الجمعة الماضية، بوفد مصغر للحضور وليس لدخول المفاوضات، وذلك بعد أن تلقت المعارضة وعوداً من قبل وزير الخارجية الأمريكي بتلبية طلباتها.
-حيرة
ووسط سوداوية التوقعات بنجاح “جنيف3” تتجه العديد من الآراء إلى ضرورة البدء بوضع الخيار العسكري على الطاولة، لإنهاء “المأساة” السورية.
ويتساءل مراقبون عن كيفية دعم المعارضة السورية المعتدلة عسكرياً، ومدها بالسلاح النوعي القادر على صد الهجمات الروسية والصواريخ المضادة للطائرات وبرامج التدريب، بالتوازي مع دعمها سياسياً في المحافل الدولية.
وشدد خبراء على أن المعركة ستحسم ميدانياً بالأساس، مع ضمان حماية وتأمين معسكرات التدريب ومناطق تجمعات فصائل المعارضة، بإنشاء منطقة حظر جوي فوقها أو تأمينها من طائرات التحالف، خاصة أن مناطق وجود داعش معروفة.
ويرى مراقبون أن السعودية وحلفاءها في الخليج، الذين يمثلون الداعمين الرئيسيين للمعارضة السورية، مستغرقون في حرب باليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران، في حين أن تركيا مشغولة بالتمرد الكردي، مشيرين إلى أنه على الأرجح، سيتمثل الرد التركي والخليجي على الحشد العسكري الروسي والإيراني، في زيادة الدعم العسكري لقوى المعارضة الرئيسية في سوريا، بدلاً من المجازفة بالتدخل المباشر.
لكن تركيا تعيش تحت وطأة حصار شديد بعد التدخل الروسي، يهدد تحركها العسكري نحو نظام الأسد والمعارضة المعتدلة، ما يجعلها وفق خبراء بحاجة لمدد خليجي وعربي سياسي وعسكري ودبلوماسي ومالي مواز يواجه المدد الروسي الإيراني، ودراسة كيف يمكن تعزيز وجودها في مقابل روسيا، ومدى إمكانية تشكيل محور عسكري نشط في تركيا بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، فروسيا ليست لديها حدود مع سوريا، في حين أن لتركيا معها حدوداً بطول 911 كيلومتراً.
الخليج أونلاين