قال وزير خارجية الدنمارك كريستيان ينسن، إن بلاده تدعم عملية “درع الفرات”، التي أطلقتها تركيا أواخر أغسطس/آب الماضي، لدعم “الجيش السوري الحر” ضد تنظيم “داعش”، والمنظمات الإرهابية الأخرى في سوريا.
ودعا “ينسن”، في حوار أجرته معه الأناضول، على هامش زيارة أجراها قبل يومين إلى تركيا، إلى “ضرورة مكافحة داعش للحيلولة دون سقوط مزيد من القتلى في سوريا”، مشيرًا إلى صعوبة الوصول إلى حل للأزمة بسبب عدم الالتزام باتفاقات التحالف الدولي مع إيران وروسيا.
ودعمًا لقوات “الجيش السوري الحر”، أطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، فجر 24 أغسطس/آب الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس (شمال سوريا)، تحت اسم “درع الفرات”، تهدف إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم “داعش” الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء.
ونجحت العملية، خلال ساعات، في تحرير المدينة ومناطق مجاورة لها، كما تم لاحقاً تحرير كل الشريط الحدودي ما بين مدينتي جرابلس واعزاز السوريتين، وبذلك لم يبقَ أي مناطق متاخمة للحدود التركية تحت سيطرة “داعش”.
الوزير الدنماركي، لفت إلى فشل اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في سوريا، بسبب عدم التزام الأطراف به، مضيفًا: “تم استهداف قافلة المساعدات الإنسانية العاجلة، لذلك لدينا شكوكًا حول ماهية الخطوات القادمة”، ودعا في هذا الإطار إلى إيجاد حل تفي به كل من روسيا وإيران بوعودهما.
وشدّد على أن “الحل في سوريا يجب أن يتضمن العودة إلى طاولة المفاوضات مجددًا”، معتبرًا أنه من الخطأ إرسال المزيد من الجنود والدبابات والأسلحة إلى منطقة تحارب فيها العديد من الجيوش.
وفي التاسع من سبتمبر/أيلول المنصرم، توصلت واشنطن وموسكو إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، غير أنه انهار فعلياً بعد أسبوع، عندما تعرضت قافلة مساعدات للهجوم يوم 19 من الشهر ذاته، ما أسفر عن مقتل نحو 20 شخصاً، وحينها تبادلت واشنطن وموسكو الاتهامات بشأن المسؤولية عن ذلك القصف.
وفيما يتعلق بزيارته الرسمية إلى تركيا، الخميس الماضي، أكد “ينسن” أنه جاء إلى تركيا بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتعبير عن “دعم وتضامن حكومته مع نظيرتها التركية ضد محاولة الانقلاب الفاشلة” التي شهدتها البلاد منتصف يوليو/تموز الماضي.
ووصف “ينسن”، الدمار الذي لحق بأجزاء من البرلمان التركي جراء استهدافه على يد انقلابيي منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية، بأنه “مُخيف جدًا”، لافتًا أنه “لو حصل ذلك في الدنمارك لردّت الحكومة بشكل قوي وبدأت عملية تطهير”.
وأوضح ينسن، أن بلاده “اتخذت موقفًا صريحًا ضد المحاولة الانقلابية في تركيا، وأكدت دعمها للمؤسسات الديمقراطية والحكومة والبرلمان والديمقراطية”، مضيفًا “نحن نُدرك جيدًا ما شهدته تركيا تلك الليلة ونعلم أن الإرهاب قد يحصل في كل مكان”.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، ليلة 15 يوليو/تموز الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم ذلك بشكل كبير في إفشال مخطط المنظمة (زعيمها فتح الله غولن يقيم في أمريكا منذ عام 1999) التي تقوم منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة.
وحول علاقات تركيا مع الاتحاد الاوروبي، قال الوزير الدنماركي إن الجانبين حليفان مرتبطان ببعضهما في العديد من المجالات، مُشيرًا أن تركيا تعلب دورًا رائدًا في الحرب ضد “داعش” ومباحثات السلام في سوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرها.
كما أشاد “ينسن” بدور الحكومة التركية في مكافحة أزمة الهجرة غير الشرعية، واستقبال عدد كبير من اللاجئين على أراضيها، موضحًا أن تركيا تعد بمثابة جسر إلى أوروبا، “وهذا الأمر بالغ الأهمية بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي”.
وتتصدر تركيا دول العالم من حيث عدد اللاجئين، إذ تستقبل قرابة 3 ملايين لاجئ، بينهم 2.7 مليون سوري، يشكلون 12% من مجموع سكان سوريا قبل الحرب، ويعيش نحو 270 ألفًا منهم ضمن مخيمات اللجوء، فيما ينتشر الباقي في العديد من الولايات التركية، بحسب بيانات رسمية تركية.
وعن التعاون التركي الدنماركي في إطار حلف شمال الأطلسي “ناتو”، أعرب ينس عن ترحيب بلاده بالتعاون الفعال بين البلدين، مؤكّدا أن الوحدات العسكرية الدنماركية الموجودة في قاعدة إنجرليك” جنوبي تركيا، سعيدة أيضًا بالعمل مع نظيرتها التركية.
تجدر الإشارة إلى أن تركيا والاتحاد الأوروبي توصلا في 18 آذار/ مارس 2016 في العاصمة البلجيكية بروكسل إلى اتفاق يهدف لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، حيث تقوم تركيا بموجب الاتفاق الذي بدأ تطبيقه في 4 نيسان/آبريل الحالي، باستقبال المهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية ممن تأكد انطلاقهم من تركيا، وإرسال لاجئ سوري مسجل لديها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مقابل كل سوري معاد إليها.
الأناضول