يقول الرئيس أوباما إنه لا يريد أن يتحول الصراع في سوريا إلى حرب بالوكالة. للأسف, هذا ما يحدث فعلا, مع انضمام المتقاتلين إلى المعركة ضد الدولة الإسلامية وهم يحملون أجندات مختلفة تماما يمكن أن تتصادم في مرحلة ما.
دعونا ننظر إلى المعركة المربكة: قررت الولايات المتحدة أن أقوى شركائها ضد الدولة الإسلامية هم قوة من الأكراد السوريين المعروفين باسم واي بي جي. ولكن تركيا, حليفنا في الناتو, تقول بأن الواي بي جي لديها اتصالات مع جماعة تدعي أنها إرهابية. كيف يمكن أن تجري الأمور؟ ليس هناك إجابات بعد.
في ذات الوقت, تدعي روسيا أنها تقاتل الدولة الإسلامية, إلى جانب قوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد. ولكن الطائرات الروسية المقاتلة تقصف الجماعات الإسلامية المتمردة التي تتلقى دعما سريا من الولايات المتحدة وتركيا والأردن وهي تقاتل بقوة. نشر المتمردون مقاطع فيديو يتفاخرون فيها بنجاحهم في ضرب المدرعات باستخدام الصواريخ الأمريكية المضادة للدبابات. تبدو المعركة بصورة مرعبة شبيهة بحرب روسيا في أفغانستان, وهي في بدايتها فقط. أين تتجه الأمور؟ لا أحد يعرف الجواب أيضا.
السعودية وإيران يقاتلون بالوكالة في سوريا لمدة تقرب من أربع سنوات. وربما يكون هذا الصراع هو الأكثر دمارا من أي صراع آخر, لأنه يغذي الجحيم الطائفي بين السنة والشيعة الذي يجتاح الشرق الأوسط.
أنظر إلى خريطة سوريا الممزقة وسوف ترى التحالفات والشراكات المتناقضة. مع تواجد العديد من القوات العسكرية في نفس المنطقة, فإن خطر الحوادث وسوء التقدير أمور واردة بقوة.
لماذا تتصاعد هذه الحرب بالوكالة في حين تعقد القوى الخارجية محادثات دبلوماسية لحل الصراع؟ الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا والسعودية أرسلوا ممثلين إلى فيينا الأسبوع الماضي لاستكشاف إمكانية الوصول إلى حل انتقالي سياسي يقول الجميع أنهم يفضلون الوصول إليه. الاجتماع لم يكن مشجعا, حيث لم يحضر الاجتماع أي من المجموعات السورية المقاتلة, والقوى الخارجية مختلفة بشدة حول ما يجب أن تبدو عليه المرحلة الانتقالية.
“القتال والحوار” عبارة عن دورة متكررة في صراعات الشرق الأوسط. وربما كان التصعيد العسكري الأخير مقدمة لمفاوضات دبلوماسية, مع محاولة كل طرف أن يوسع مساحة الأراضي التي يسيطر عليها وأن يقوي موقفه التفاوضي قبل بداية الحوار الجاد. يجب أن نكون محظوظين جدا. ولكن يبدو أن كلا من الأسد والمتمردين غير مستعدين للمساومة أكثر من أي وقت مضى.
عندما ندرس سوريا من الشمال إلى الجنوب, يتضح أنه يجب أن يتم نزع فتيل الصراعات لتجنب حصول كارثة غير مقصودة.
في الجبهة الشمالية, تحتاج الولايات المتحدة إلى تعميق مشاوراتها مع تركيا وذلك مع تصعيد دعمها للقوات الكردية السورية وحلفائهم العرب. أوباما سوف يرسل أقل من 50 جنديا من القوات الخاصة إلى سوريا, ولكن دون أدنى شك فإن ذلك يشكل التزاما كبيرا. هذه القوة سوف تكون بحاجة إلى دعم جوي – ليس لقصف الدولة الإسلامية فقط, ولكن من أجل إعادة إمدادهم وإنقاذهم إذا وقعوا في أي مشاكل, وربما التمكين للحصول على معلومات استخبارية من أجل شن الغارات الليلة التي كان لها تأثير مدمر في العراق.
ما الذي تفكر فيه تركيا حيال توسع الدور الأمريكي هذا على حدودها, خاصة بعد الانتصار الانتخابي الحاسم الذي حققه الرئيس رجب طيب أردوغان؟ يقول المسئولون في البنتاغون بأن على الأتراك أن يطمأنوا, لأن الولايات المتحدة سوف تراقب مقاتلي الواي بي جي الذين يصل تعداداهم إلى 25000 مقاتل عن كثب ويمكن ان تمنع وصول الإمدادات إلى حزب العمال الكردستاني (بي كي كي), الذي تعتبره تركيا حزبا إرهابيا. إنها حجة معقولة ولكنها بحاجة إلى موافقة أنقرة.
على الحدود السورية الجنوبية مع الأردن, ساعدت الولايات المتحدة في تدريب تحالف من المتمردين يعرف باسم الجبهة الجنوبية, الذي يدعي وجود 35000 مقاتل في صفوفه و54 لواء. الأسبوع الماضي, هاجمت الطائرات الروسية بعض القوات التي تدعمها الولايات المتحدة في منطقة الحارة جنوب غرب سوريا, وهو موقع عسكري استخباري روسي سيطر عليه المتمردون سابقا. ما يجري جنون. على موسكو وواشنطن أن تنظرا في العمل على تهدئة الوضع بدلا من إشعاله بشكل أكبر.
ولكن في المنطق القاسي للصراع السوري, فإن القادم أسوأ. أخبرني الرائد عصام الريس, المتحدث باسم الجبهة الجنوبية, في مقابلة هاتفية يوم الثلاثاء بأن هذه القوات تتوقع هجوما سوريا جديدا هذا الأسبوع, بدعم من روسيا من أجل استعادة الأراضي جنوب دمشق. هذا السعي لتحقيق النصر لا يخدم سوى المتطرفين.
ما الذي سوف يجري, إذا لم يكن في وسع القوى الخارجية إيجاد طريق لنزع فتيل الصراع؟ إليكم فكرة قاتمة: زارني خلال الأسابيع القليلة الماضية عدد من قادة الحركات الكردية السياسية في إيران وسوريا الذين يرون اليوم الذي سوف تنهي فيه كردستان الكبرى الحدود بين هذه الدول, كما هو الحال في تركيا والعراق.
إذا لم تساعد روسيا وإيران وتركيا والمقاتلين الآخرين الذين يقاتلون بالوكالة في إعادة المسمار إلى هذه القنبلة, فإن هناك تفجيرا أوسع وأكثر تدميرا ينتظر المنطقة في المستقبل.
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي