في يوم 6 مارس، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا يدين استخدام الكلور كسلاح في سوريا، ويهدد بفرض عقوبات أو إجراءات الإنفاذ الأخرى إذا تم استخدامه من جديد.
ولكن بعد عشرة أيام، سمع محمد تيناري، وهو مدير لمستشفى ميداني في سرمين، من محافظة إدلب شمال سوريا، أصوات المروحيات تحلق في سماء المنطقة، وسرعان ما تبع ذلك تنبيه صدح من خلال جهاز اتصاله اللاسلكي، يقول إن براميل متفجرة مليئة بالغاز السام قد أُسقطت على المدينة. وهرع تيناري إلى المستشفى الميداني ليجد هناك عشرات من الأشخاص الذين يعانون من استنشاق الكلور.
وأصيبت عائلة من ستة أفراد، بينهم ثلاثة أطفال دون سن 3 سنوات، عندما سقطت قنبلة من خلال فتحة التهوية في منزلهم. وقال تيناري للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب يوم الأربعاء: “لقد أصبح الطابق السفلي من منزلهم غرفة غاز مؤقتة“. وبالفعل، توفي جميع أفراد الأسرة.
ووفقًا لشهادة آني سبارو، وهي طبيبة أطفال، “يتحول الكلور إلى حمض الهيدروكلوريك عند استنشاقه، ويؤدي إلى انحلال رئتي الطفل”. وأضافت: “لم أر أبدًا أطفالا يموتون بطريقة أكثر سوءًا“.
وكان هناك أكثر من 30 هجومًا بالكلور في محافظة إدلب منذ 16 مارس، وفقًا للجمعية الطبية الأمريكية السورية. وعانى أكثر من 540 من المدنيين من التعرض للغاز، في حين قتل 10 أشخاص على الأقل.
وفي كل حالة، أنزلت مروحيات الحكومة السورية، حيث أن الحكومة هي القوة الوحيدة التي لديها مثل هذه الطائرات في سوريا، حاويات مليئة بالكلور والمواد الكيميائية الأخرى في بعض الأحيان على المناطق المدنية. ولم ينفذ النظام مثل هذه الهجمات ضد الدولة الإسلامية، أو حتى ضد قوات الثوار السورية، بل نفذها فقط ضد المدنيين خلف خطوط الجبهة.
وليس هناك أي شك في أن نظام بشار الأسد هو المسؤول عن هذه الهجمات. وقال وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، يوم الثلاثاء: “أنا واثق تمامًا، ونحن على يقين، من أن أكثر تلك الهجمات نفذت من قبل النظام“. وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية على أن الهجمات كانت كيميائية، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي صدقت عليها سوريا في عام 2013. وتتجاوز هذه الهجمات أيضًا “الخط الأحمر” الذي وضعه الرئيس أوباما ذات مرة ضد استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل سوريا.
وعندما وقعت الهجمات الأولى في شهر مارس، أصدر كيري بيانًا غاضبًا معلنًا أن “المجتمع الدولي لا يمكنه أن يغض الطرف عن مثل هذه البربرية“. ولكن مجلس الأمن، يصبيه الشلل بسبب العرقلة الروسية، لم يتخذ أي إجراء. ويبدو كيري والمتحدث باسمه من الواضح أن إدارة أوباما لا تمتلك أي خطط للقيام بأي شيء آخر غير الاحتجاج أمام وزير خارجية فلاديمير بوتين.
ومن المعروف جيدًا أنه في وسع الولايات المتحدة وضع حد لهذه الهجمات المروعة. ويمكن لأمريكا أن تفرض منطقة حظر جوي في شمال سوريا، حيث توجد محافظة إدلب، أو ببساطة، إسقاط المروحيات السورية التي تسير ببطء لتنفيذ الهجمات.
وكما قال السفير الأمريكي السابق في سوريا، روبرت فورد، في شهادته أمام لجنة مجلس النواب، لا يؤثر عدم التصرف على سوريا فقط، “بل ويتآكل الإجماع الدولي ضد استخدام الأسلحة الكيميائية الذي جاء بعد ويلات الحرب العالمية الأولى، مع كل هجوم كيميائي جديد“. وأضاف فورد:”هذا خطر على سلامة جنودنا، وعلى أمننا القومي الأوسع“.
ولكن المتحدث باسم وزارة الخارجية، جون كيربي، قال: “ليس لدي أي تدابير محددة أستطيع أن أخبركم عنها” لوقف هجمات الكلور. ويجب على كيربي أن يقول هذا لأسر الأطفال الذين احترقت رئاتهم بهذا الغاز.
ترجمة: صحيفة التقرير