لا يبدو وشيكا زوالُ أكثر الأنظمة الدكتاتورية وحشية في الشرق الأوسط، كما تتضاءل احتمالاتُ استقرار البلاد في ظل حكمه أو إعادة بناء الاقتصاد الذي عانى من انتكاسة كبيرة.
تعلق صحيفة واشنطن بوست -بافتتاحية لها هذا اليوم- على تأثير ما بات يعرف بقانون “قيصر” الذي أقره الكونغرس ويفرض عقوبات شديدة على النظام السوري والذي دخلت أولى مراحله حيز التنفيذ في 17 من يونيو/حزيران الجاري.
مع بداية هذا العام، تقول الصحيفة الأميركية، كان رأس النظام السوري بشار الأسد يضغط من أجل تحقيق نصره النهائي في الحرب الأهلية التي استمرت تسع سنوات. وكانت قواته، بدعم من الطائرات الحربية الروسية، تشن هجوما على محافظة إدلب، مما أعطى الانطباع بأنه من المحتمل أن يسحق بذلك آخر معقل كبير لقوات المعارضة.
لكن التدخل القوي بشكل غير متوقع من جانب تركيا أوقف الهجوم، ومنذ ذلك الحين عانى نظام الأسد من سلسلة من الانتكاسات، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي، واستئناف الاحتجاجات الشعبية، ناهيك عن بدء سريان العقوبات الأميركية الجديدة التي يمكن أن تصبح شديدة الوطأة، وفقا للصحيفة.
وذكّرت الصحيفة بأن “قيصر” -الذي أطلق اسمه على قانون العقوبات الجديد- هو الاسم المستعار لمنشق سوري قام بتهريب 55000 صورة لأشخاص تعرضوا للتعذيب والقتل بالسجون والمستشفيات السورية، ودفعت شجاعته وشهادته أمام الكونغرس إلى المصادقة على تشريع من الحزبين الجمهورية والديمقراطي يفرض تصعيدا للضغط على سوريا، بما في ذلك معاقبة أي جهات أجنبية تقدم الدعم لنظام الأسد، وقواته الجوية، وصناعته النفطية وحتى أي كيان يساهم في مشاريع إعادة إعمار البلاد.
ولفتت إلى أن مجرد احتمال تطبيق هذه الإجراءات ساعد بالفعل على انهيار العملة السورية التي فقدت ثلثي قيمتها منذ بداية العام.
وقالت إن هذا النظام، وفي محاولة يائسة للحصول على المال، حاول الاستفادة من رامي مخلوف ابن خال الرئيس، والذي هو أكبر رجل أعمال في البلاد، إلا أن مخلوف رفض الإذعان لطلبات النظام. وبدلاً من ذلك، تسبب في حدوث صدع واضح في المجموعة الحاكمة.
وفي غضون ذلك، أدى الضغط على السوريين العاديين، وفقا للصحيفة، إلى تجدد الاضطرابات في مدن مثل درعا التي كانت مهد الشرارة الأولى للانتفاضة ضد الأسد عام 2011.
لكن ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن تطبيقه حتى الآن من قانون “قيصر” متواضع نسبيا، حسب الصحيفة، واقتصر على استهداف حاشية الأسد وقادة المليشيات الإيرانية، مشيرة إلى أن أغلب هؤلاء يخضع أصلا للعقوبات الأميركية.
لكنها نقلت عن بومبيو تعليقا على هذه المرحلة الأولى قوله “نتوقع فرض المزيد والمزيد من العقوبات ولن نتوقف” حتى يوافق نظام الأسد على حل سياسي للصراع على النحو المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة.
وعلقت الصحيفة على ذلك بقولها “إذا اتبعت إدارة ترامب القانون بدقة، فمن المفترض أن يؤدي ذلك إلى فرض عقوبات على المسؤولين والشركات الروسية التي تدعم جهود الحرب السورية، وكذلك أي شركات أجنبية تشتري النفط السوري أو تساعد في مشاريع البناء”.
وفي أحسن الأحوال، تقول واشنطن بوست، قد يمثل أحد مظاهر التأثير في إجبار روسيا وإيران على التخلي عن نظام الأسد بدلا من البقاء غارقين في صراع لا يمكن كسبه مع ارتفاع تكاليفه.
وختمت الصحيفة بدعوة من دعموا قانون قيصر في الكونغرس، بمن فيهم رؤساء لجان العلاقات الخارجية بمجلسي النواب والشيوخ، أن يتأكدوا من أن الإدارة الأميركية تطبق بشكل صارم وكامل ما أعلنه بومبيو.
نقلا عن الجزيرة