إسماعيل جمال تشكيل هيئة عليا للمفاوضات التي ستجري بين المعارضة السورية والنظام برعاية الأمم المتحدة كان أبرز نتائج مؤتمر الرياض الذي ضم أوسع شريحة من المعارضة السورية السياسية والمسلحة، الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام التكهنات حول مستقبل وجود ودور الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية خلال الفترة المقبلة، والتساؤل حول إمكانية أن تلغي الهيئة الجديدة مكانة الائتلاف.
وفي تصريحات خاصة لـ«القدس العربي» رأت قيادات من الائتلاف السوري أن عمل الهيئة العليا للمفاوضات لا يتعارض مع الائتلاف وأنه سيبقى يمارس مهامه كالسابق، واعتبر آخرون أن عدم وجود قانون أساسي يحكم عمل الهيئة الجديدة سيخلص تعارضاً في المهام والصلاحيات مع الائتلاف، حيث باتت الهيئة التفاوضية قاعدة سياسية تمثل شريحة أوسع من التي يمثلها الائتلاف.
وبحسب البيان الختامي لمؤتمر الرياض، فإن «الهيئة العليا التفاوضية» التي خرجت من خلال المؤتمر هي هيئة توافقية انبثقت من أربعة كيانات أو تكتلات (الائتلاف الوطني لقوى الثورة أو المعارضة وهيئة التنسيق الوطنية، والمستقلون، إلى جانب الفصائل الثورية)، وهم من كان لهم النصيب الأكبر في التمثيل بواقع 11 ممثلاً، مقابل 9 ممثلين من الائتلاف، و8 من المستقلين و6 من هيئة التنسيق وممثل واحد من تيار بناء الدولة.
ونص الاتفاق على تشكيل هيئة عليا للتفاوض في مرجعية للوفد المفاوض الذي سيحدد لاحقا، تحت إطار التمسك بوحدة الأراضي السورية، والالتزام بآلية ديمقراطية من خلال نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري، وكذلك الحفاظ على مؤسسات الدولة مع إعادة تشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، بدون أي «دور للأسد أو دائرته المقربة فيه» وعلى أن يكون بيان جنيف واحد مرجعية للتفاوض.
وستقوم الهيئة الجديدة بتشكيل وفد مفاوض يتكون من 3 شخصيات من المستقلين، واسمين من قبل هيئة التنسيق، و5 أسماء من قبل القوى الثورية وكذلك 5 أسماء من قبل الائتلاف.
وفي هذا السياق، قالت المعارضة السورية المشاركة في مؤتمر الرياض، إنه قد يكون هناك اجتماع مع وفد النظام في بدايات شهر كانون الثاني/يناير المقبل، وأوضحت مصادر أن وفداً من المعارضة سيلتقي بوفد من ممثلي نظام الأسد في الأيام العشرة الأولى من شهر المقبل.
هشام مروة نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض شدد على أن الائتلاف لا يزال وسيبقى يقوم بدوره الطبيعي كما كان في السابق، موضحاً أن «الهيئة الجديدة لا تلغي دور الائتلاف وهي تمثل شريحة واسعة من المعارضة السياسية والعسكرية وهي داعمة لفكرة عمل الائتلاف حتى لا يتهم بالإنفراد بالقرارات المصيرية للثورة السورية».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «عمل الهيئة واضح من اسمها (الهيئة العليا للتفاوض) فهدفها محدد في تشكيل وفد لإدارة عملية التفاوض مع النظام، والائتلاف موجود بقوة في الهيئة المكونة من 33 عضواً، حيث يمتلك أكثر من ثلث المقاعد».
ورداً على سؤال حول إن ما كان الائتلاف سيكون مرجعاً للهيئة، قال مروة: «لا، الائتلاف هو أحد مراجع الهيئة، فالهيئة لديها 4 مراجع أساسية الائتلاف واحداً منها بجانب هيئة التنسيق الوطنية، والمستقلون، والفصائل الثورية» مستبعداً حصول خلافات وتنازع صلاحيات بين الهيئة والائتلاف.
وعن طبيعة المفاوضات المتوقع بدئها بداية الشهر المقبل، قال مروة: «سيتم تشكيل وفد تفاوضي تكون الهيئة مرجعية له، وستكون المفاوضات برعاية الأمم المتحدة وهي من سيحدد شكل المفاوضات ما إن كانت على طاولة ثلاثية، أو في غرف منعزلة» متوقعاً أن تستمر المفاوضات لمدة 6 أشهر ومن ثم تبدأ المرحلية الانتقالية بدون الأسد في حال التوصل إلى الاتفاق على هذه المرحلة.
ورأى مروة أن وجود تمثيل واسع للقوى العسكري في مؤتمر الرياض يعزز فرص عدم حصول خلافات وإمكانية تطبيق أي قرارات تصدر عن الهيئة الجديدة.
أحمد رمضان عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض أوضح أن «الائتلاف مستمر في أعماله كما هو والعلاقة بينه وبين الهيئة التفاوضية الجديدة ستنظمها الهيئة العامة للائتلاف في اجتماعها المقبل» متوقعاً حصول إشكاليات بسبب عدم وضوح صلاحيات الهيئة الجديدة.
وقال لـ«القدس العربي»: «لا أريد استباق الأمور، لكن الائتلاف يجب أن يلعب دورا قياديا في أي عملية تفاوضية مقبلة»، موضحاً أن «الهيئة الجديدة ليست لديها صلاحيات محددة أو نظام أساسي يحكم عملها وهي الهيئة التي من المفترض أن تشرف على التفاوض مع النظام وليس أي دور سياسي آخر».
وأضاف رمضان الذي يرأس حركة العمل الوطني من أجل سوريا أن: «أعضاء الائتلاف الذين شاركوا في مؤتمر الرياض يجب أن يعودوا إلى الهيئة العامة للائتلاف لإضفاء الشرعية على ما تم الاتفاق عليه» منتقداً ضعف التحضيرات للمؤتمر وتدخلات بعض الأشخاص والدول التي أدت إلى استبعاد قوى سياسية وعسكرية من المؤتمر.
وقال: «توجد قوى سياسية وعسكرية فاعلة ومعتدلة لم تدع لمؤتمر الرياض بسبب عدم وجود آلية واضحة للدعوات وعدم تشكيل لجنة تحضيرية واضحة المحددات وبسبب التدخلات غير المقبولة من بعض الأشخاص والدول في تحديد الأسماء». لافتاً إلى أنه يرى في مؤتمر الرياض خطوة إيجابية «يجب أن تستكمل بتوسيع دائرة الحضور للقوى الفاعلة».
ورأى رمضان أن الهيئة الجديدة معينة عكس الائتلاف الوطني المنتخب في جميع هيئاته وبالتالي ستكون هذه نقطة ضعف للهيئة الجديدة.
سمير نشار عضو الائتلاف السوري أكد على أن الهيئة المنبثقة عن مؤتمر الرياض ستكون المرجعية النهائية وصاحبة السلطة في الموافقة على أي حل سياسي «فالهيئة مهمتها تشكيل وفد للتفاوض تكون هي المرجعية له وليس الائتلاف كونه جزءا من الهيئة الجديدة ولا يتحكم بها».
وقال لـ«القدس العربي»: «مؤتمر الرياض يمثل المظلة الوطنية الأوسع ولكن هذا لا يلغي دور الائتلاف» مضيفاً: «من يعتقد أن التفاوض مع النظام عملية سهلة يكون مخطئا.. ليست هناك آمال واسعة تعلق على العملية التفاوضية».
وتابع: «لا يوجد على المدى المنظور ما يشير لتوافق دولي يمكن أن يؤدي لحل سياسي في سوريا، لكن مؤتمر الرياض هو انجاز حقيقي من حيث إيجاد موقف موحد لم يكن في السابق لدى المعارضة السورية».
القدس العربي