بالتوازي مع التعبئة والحشد الذي يقوم به رئيس الحكومة البريطانية ديفد كاميرون لانتزاع موافقة مجلس العموم على ضرب تنظيم الدولة بسوريا، ثمة أصوات تحذر مما تسميه أخطاء الماضي بالعراق وأفغانستان، وترى أن الوجهة الصحيحة لضرب معاقل التنظيم بالعراق.
يحث رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون الخطى داخليا وخارجيا لحشد التأييد اللازم لتفويضه بالاشتراك بالضربات الجوية التي تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، فهل ينجح في خطاه؟
ففي الداخل، كشف مصدر بمقر رئاسة الحكومة قبل أسبوع عن إعداد كاميرون ومستشاريه خطة شاملة للتعامل مع الملف السوري، تقدم للبرلمان وقت التصويت لإقناع البرلمانيين الذين اشترطوا الموافقة على الضربات بوجود خطة واضحة المعالم.
كاميرون قال للبرلمان الخميس إن ضرب تنظيم الدولة في سوريا سيجعل بريطانيا أكثر أمنا، معتبرا أن من الخطأ أن تعهد المملكة المتحدة بأمنها لدول أخرى.
وإذا كان زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن يتفق مع كاميرون في الخطر الذي يشكله التنظيم، فإنه يختلف معه بكون الضربات ستحد من خطره محذرا من تكرار أخطاء الماضي.
وفي معرض تعليقه على هذا الجدل، اعتبر الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن إصرار كاميرون على رأيه تكرارا لأخطاء الماضي في العراق وأفغانستان وليبيا.
ويرى كوكبيرن -في مقال بصحيفة إندبندنت- أن حملة كاميرون مثيرة للقلق، وأن فيها سوء تقدير لقوة الأعداء المحتملين والحلفاء، على حد تعبيره.
ويبدو أن الجدل الداخلي بين الحكومة والمعارضة بخصوص جدوى العمل العسكري بسوريا يعكس جدلا أعمق يتعلق بقدرة العمل العسكري وحده على القضاء على تنظيم الدولة سواء بسوريا أو العراق، بالنظر للضربات الجوية على التنظيم والتي دخلت عامها الثاني.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال دبلوماسي سابق وخبير بقضايا الشرق الأوسط إن أي إجراء لمواجهة خطر تنظيم الدولة يجب أن يكون متعدد الأوجه، ويسهم بتحسين الظروف السياسية والاقتصادية للبلدان التي ترعرع فيها التنظيم بالمقام الأول.
وأضاف السير تيرنس كلارك أن زيادة العمل العسكري يجب أن يتركز على التنظيم في غرب العراق في إطار التحالف الدولي بهذا البلد، والعمل على حشد دعم للقوات العراقية لتمكينها من استعادة السيطرة على مدينة الموصل من تنظيم الدولة.
لكن المراقب لتصريحات كاميرون يرى أن الرجل حسم أمره بضرورة الذهاب لسوريا، بل إن شدة تحمسه للأمر جعلت الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يدعو النواب البريطانيين لدعم توجه رئيس حكومتهم.
كل السيناريوهات مفتوحة
من جهته، يرى الباحث بالشؤون العسكرية والأمنية زياد الشيخلي -في حديث للجزيرة نت- أن حكومة كاميرون عازمة على المضي قدما بالمشاركة بالضربات الجوية في سوريا خاصة بعد هجمات باريس.
ويعتبر الشيخلي أن ضرب معاقل تنظيم الدولة في سوريا أمر سيسهل من القضاء عليه، مشيرا إلى أن كاميرون يبدو في وضع أفضل بالنظر إلى أن المعارضة العمالية منفتحة على دراسة أي إجراءات ضرورية لحماية أمن بريطانيا عقب هجمات باريس الأخيرة.
ويبدو أن كاميرون سينجح هذه المرة في الحصول على تفويض بشن ضربات في سوريا مستفيدا من حالة الرعب التي أعقبت تفجيرات باريس من جهة، ومن وجود مؤشرات على انقسام داخل حزب العمال المعارض حول الطريقة المثلى في التصدي للتهديدات “الإرهابية” من جهة أخرى.
ففي الوقت الذي بعث فيه زعيم العمال برسالة إلى أعضاء الحزب ونوابه يؤكد فيها عدم اقتناعه بدعم الضربات في سوريا، فإن كثيرا من وزراء حكومة الظل العمالية يعارضون وجهة نظر كوربن.
أسابيع قليلة، وفي الغالب قبل عطلة “أعياد الميلاد”، سيصوت مجلس العموم على مشروع يخول الحكومة توجيه ضربات جوية في سوريا، وإلى ذلك الحين تبقى كل السيناريوهات مفتوحة.
المصدر: الجزيرة