المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 3/1/2015
هل يصل الطمع والجشع بالخائن إلى حد يبع ابن أخته للموت مقابل المال
نعم الطمع والجشع والخيانة أوصلت أخي “ظافر” ليبلِّغ عن ولدي “سامر” لقوات النظام التابعة لفرع الأمن العسكري بمدينة حماة السورية هذا ما قالته أم الشهيد “سامر”، عندما حدثتني عن إبنها والدمعة لاتفارق عينها حيث قالت: “الشهيد سامر” 26 عام من محافظة حماة، عندما إنطلقت الثورة السورية إنطلق معها “سامر” ليثور على الظلم والطغات، مطالباً بالحرية والعدالة والمساواة. بدأت الثورة في محافظة درعا وبدأت تتمدد لتشمل المحافظات السورية كافة، بدأ “سامر” نشاطه الثوري، وفي البداية كان الأمر مقتصراً على الكتابة على الجدران ليلاً، كان يتسلل من البيت بعد منتصف الليل لكي لاأراه فهو يعلم كم أخاف عليه وعلى إخوته خاصةً بعد ماتوفي والدهم بحادث سير وترك على عاتقي مسؤلية تربية سامر وأخوته الثلاثة.
كان سامر يجول شوارع المدينة ويكتب العبارات الثورية على الجدران، وفي الصباح يأتي الأمن ليمسح هذه العبارات فينتقل سامر تحت جنح الظلام إلى شوارع أخرى ليمارس نشاطه الثوري، مضللاً الأمن بذلك، بقي سامر على هذا الحال عدة أسابيع، حتى وصلت الثورة إلى محافظة حماة وبدأت المظاهرات فيها شيئاً فشيء، كان لايتخلف عن أي مظاهرة حتى لايفوته تصويرها وتحميلها على المواقع الثورية ومواقع لتواصل الإجتماعي، محاولتاً منه ليصل صوته وصوت ثوار سوريا إلى العالم بأسره.
بقي سامر على هذا الحال إلى أن إقتحم جيش النظام مدينة حماة ناشراً دباباته وقواته في كافة لشوارع ليقطع أوصال المدينة وليصمت هؤلاء الثائرين المطالبين بحقوقهم كبشر.
فبدأت قوات النظام التصدي لهذه المظاهرات وإطلاق الرصاص العشوائي على المتظاهرين، كان سامر ناشطاً في مجال التصوير والتوثيق، فيلتقط الصور لقناصة النظام وهم يطلقون الرصاص الحي على المتظاهرين، بقي “سامر” على هذه الحال إلى أن إكتشف الأمن أمره، وبدأ بمداهمة البيت، بين الحين و الآخر، فعندما يدخل علينا الأمن كنا ترتجف خوفاً من أن يجدوا “سامر” ولكن “سامراً” كان قد جهز مخبأً ضمن البيت، كان قد وضع خزانة ملابسه أمام باب غرفةٍ صغيرة داخلية / غرفة داخل غرفة /، وأحدث باباً خلفياً للخزانة بحيث أنه يدخل إلى الخزانة ويخرج منها من الباب الخلفية ليدخل إلى الغرفة مغلقاً الأبواب خلفه، فعندما يداهمنا الأمن ويفتش البيت عن سامر لا يجده.
واللافت للنظر أنهم يداهمو البيت بعد دخول “سامر” أليه بدقائق معدودة، وكأنهم يراقبوه أو أحداً يراقب تحركاته ويخبرهم، وقد داهم الأمن البيت عشرات المرات، وفي المرة الأخيرة داهمنا الأمن ومعه شخصاً ملثماً، فأدخلهم إلى غرفة سامر وفتح باب الخزانة وأدخلهم إلى الغرفة السرية وألقوا القبض على “سامر”.
لقد أصابنا الذهول والدهشة كيف عرفوا مكانه ومن هو ذلك الشخص الذي أوصلهم إليه.
أحسست أن قلبي قد تمزق وخرج من مكانه عندما أخرجوا “سامر” من الغرفة ، كنت أنظر في عيني ذالك الشخص الملثم الذي أرشدهم إلى مكان ولدي، وكنت أتمنى أن أعرفه وأشرب من دمه، لم أستطع أن أملك نفسي، فهجمت عليه ونزعت اللثام عن وجهه للأعرفه، وهنا كانت الصدمت الأكبر، إنه أخي “ظافر” ابن أبي وأمي هو الذي أحضر الأمن ليلقوا القبض عن ابن أخته.
عندما عرفته لم أستطع الوقوف فسقط على الأرض وجاء أولادي الصغار وحملوني إلى الداخل، بعد أن خرج الأمن وأخرجوا معهم ولدي وذلك الخائن.
لم تكن بيننا وبين أخي أي عداوة بل العكس كان كل يوم يأتي إلينا ويسهر مع “سامر” ويتحدثا بأمور الثورة والمظاهرات، لم نكن نعرف أنه يعمل مخبراً عند الأمن العسكري، فكان يبلغهم عن تحركات “سامر”، وعندما يأتي الأمن إلينا ولا يجدو أحد كانوا يستدعونه ويشبعوه شتماً وتحقيراً، وفي المرة لأخيرة أحضروه معهم ليخرج سامر بنفسه بعد أن عرف مكانه.
وبعد أن إكتشفنا أمر ذلك الخائن، سافر إلى العاصمة دمشق ليلتحق مع “ميليشيا الدفاع الوطني”
بقي إبني “سامر” معتقلاً في فرع الأمن العسكري بحماة ثمانية أشهر وبعدها نقلوه إلى فرع فلسطين بدمشق، تقول “أم سامر” لقد دفعت لمال الكثير لأسمع أي خبر عن إبني، وبعد أعتقاله لمدة تزيد عن السنتين، إستشهد تحت التعذيب بحسب ماقاله لي أحد المعتقلين الذي كان معتقلاً معه بنفس الفرع.
وعندما ذهبت لأسأل عنه أعطوني هويته وتقريراً طبياً يثبت أنه توفي بمرض تشمع الكبد.
نعم لا تستغربوا فهذا النظام لديه من يخدمه بهذا الإخلاص بعد أن إشترى ضمائر الناس بالمال.