يتورط حسن نصر الله، زعيم حزب الله، في ثلاث ساحات مهمة بالنسبة له: الساحة اللبنانية الداخلية، وحيال إسرائيل، وحيال إيران.
لقد فقد نصر الله مؤخراً رفيقاً قريباً ونموذجاً للاقتداء مع رحيل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني. وهذه خسارة فادحة لنصر الله المتفاجئ الذي تعاون بشكل وثيق مع سليماني واستمع إلى مشورته.
بعد اغتيال صديقه ثم تورطه في ساحات لبنان وإسرائيل وإيران
درج سليماني على لقاء نصر الله في مكان المخبأ التحت أرضي للأخير، وخططا للأعمال وتبادلا المشورات. أما الآن فقد بقي نصر الله دون سند. روى نصر الله بأنه التقى سليماني قبل بضع ساعات من سفره من بيروت إلى دمشق، وحذّره. ومن هناك واصل إلى بغداد، حيث صفي.
يفهم نصر الله بأنه مكشوف على عموم الأمريكيين، وأنه من الأفضل -مع رئيس كهذا غير متوقع في البيت الأبيض- أن يختبئ أكثر فأكثر عميقاً في خندقه التحت أرضي الذي هو في بيروت أغلب الظن. ما تبقى له هو أن يتهجم بشكل لفظي ضد الأمريكيين ويستخدم أعظم التشبيهات المهينة على نمط “سليماني يستحق رأس ترامب، وأكثر من ذلك”. ما هكذا يجري الحديث عن زعيم القوة الأعظم في العالم، وهذا يشهد على أن نصر الله في حالة ضغط.
في الساحة الإيرانية، مع تصفية سليماني، فقد نصر الله رجله الناجع في طهران. فرغم المصاعب المالية التي تواجهها إيران بسبب العقوبات الأمريكية، حرص سليماني شخصياً على ألا يهضم حق صديقه زعيم حزب الله. أما الآن كما أسلفنا فقد تغير الوضع وسيتعين على نصر الله أن ينتظر كي يعرف إلى أين تهب الريح مع الزعيم الجديد لقوات الحرس الثوري الخاصة. في هذه الأثناء، يكرر نصر الله أقوال القيادة الإيرانية عن الثأر إثر تصفية سليماني.
وضع نصر الله حساس جداً في الساحة اللبنانية الداخلية، فالمتظاهرون من كل الطوائف والأديان ممن نزلوا إلى الشوارع في أرجاء لبنان مطالبين بالإصلاحات والتغييرات الاقتصادية الراديكالية، وجهوا احتجاجهم ضد منظمة حزب الله التي يتهمونها بمفاسد لبنان. واستوعب نصر الله الرسالة، وأنزل رجاله إلى الشوارع كي يصطدموا بالمتظاهرين، وفي الوقت نفسه عمل كي يكلف الرئيس اللبناني مهمة تشكيل الحكومة الجديدة على مرشح يرتضيه. ولكن الضغط الذي يمارس على المرشح لتشكيل حكومة من التكنوقراطيين وليس وفقاً للمفتاح الطائفي، من شأنه أن يقلص تأثير حزب الله في الساحة اللبنانية الداخلية.
يعي نصر الله عدم إمكانيته بالشروع في مغامرة عسكرية ضد إسرائيل والمخاطرة بتدمير البنى التحتية للبنان، فكل ما تبقى له هو إطلاق التهديدات ضد إسرائيل، التي لا يمكنه أن يحققها الآن.
إن الوضع الذي علق فيه نصر الله يلزمه بأن يحذر في أفعاله، أقل بكثير مما في أقواله. إضافة إلى ذلك، لا يجب منحه المهلة اللازمة كي ينتعش من الضربة الأخيرة التي وقعت عليه، ويجب مواصلة الضغط في كل الاتجاهات لتحقيق تغيير ملموس. سيتعين عليه أن يخفض مستوى الاهتمام؛ لأن الأمريكيين يعتزمون إرسال قوات إلى لبنان لحماية سفارتهم، ولكن من يدري، فقد تكلف بمهمة أخرى. لقد أزاحت تصفية سليماني عن نصر الله “القبة الحديدية” التي تمتع بها في السنوات الأخيرة. وبقي الآن مكشوفاً أمام المعاضل والمخاوف التي لا بد أننا بحاجة إلى مراعاتها الآن.
نقلا عن القدس العربي _ بقلم: اسحق ليفانون