شكلت الضربة الصاروخية الإيرانية لمدينة دير الزور السورية، تطورا جديدا في تدخل طهران العسكري بسوريا، الأمر الذي فتح باب التساؤل واسعا حول الموقف الأمريكي من الضربة، وهل كانت على علم مسبق، وما الرسائل من ورائها؟
وكان الحرس الثوري الإيراني قال، الأحد، إن هذا القصف جاء انتقاما لضحايا هجومين وقعا قبل أيام واستهدفا مبنى البرلمان وضريح الخميني في طهران، وتبناهما تنظيم الدولة، بحسب بيان.
وأعلن أن القصف قد “أسفر القصف عن مقتل عشرات من عناصر تنظيم الدولة، وإرهابيين آخرين”، لافتا إلى أن “الصواريخ انطلقت من قواعد داخل إيران في محافظتي كردستان وكرمنشاه غرب البلاد”.
أين أمريكا؟
من جهته، قال الخبير العسكري العقيد السوري المتقاعد أديب عليوي لـ”عربي21“، إنه “لا يمكن أن تنفذ ضربات كهذه من قبل أمريكا وروسيا وإيران، ما لم يتم إعلام هذه الدول إضافة إلى إسرائيل”.
ولكن خبيرا عسكريا آخر استبعد أن تكون الولايات المتحدة على علم بالضربة الإيرانية مسبقا، فيما إذا أرادت أن تكون على علم فتكون أجهزة الرصد الأمريكية قد رصدت هذه الصواريخ ولكن لم تعترضها.
وأضاف أحمد الرحال لـ”عربي21” أن “الأقمار الصناعية وأجهزة الرادار، ترصد المنطقة بشكل متواصل، ومرور صواريخ قطعت كل هذه المسافة من غرب إيران إلى دير الزور، لابد أن تكون قد رصدت”.
رسائل إيران
وعلى صعيد الرسائل التي أرادت إيران إيصالها عبر الضربة، قال العقيد عليوي إن “الضربة موجهة لأمريكا وإسرائيل، لأن إيران تريد حصتها من الكعكة السورية، لتأمين ممر نفوذها من بغداد ودمشق والبحر الأبيض المتوسط وبيروت”.
ولفت إلى أنه بالإمكان أن تتكرر هذه الضربات الصاروخية الإيرانية، ما لم تستخدم أمريكا قواتها الخاصة التي نشرتها في قاعدة التنف على الحدود العراقية السورية، التي قد تعد رسالة ضد أي تحرك لقوات للنظام ومليشيات موالية لإيران.
وأشار عليوي إلى أن تواجد القوات الأمريكية قد يكون إحراجا لإيران من التقدم في هذه المنطقة، فحاولت طهران من خلال رسائلها أنها تريد الحفاظ على حصتها وتثبت للعالم أنها موجودة، ولديها أسلحة متعددة تستخدمها للحفاظ على أمن الإقليم كما تقول.
من جهته، قال الخبير العسكري أحمد الحمادي إن “إيران استغلت تبني تنظيم الدولة للهجمات في طهران، وأرادت أن توجه رسائل إلى دول المنطقة أن ليديها صواريخ تصل مداها إلى نحو 800 كلم، بمعنى أنها بإمكانها أن تطال دول المنطقة بشكل عام”.
وأضاف: “إيران أرادت أيضا أن تستعرض أسلحتها خارج الحدود لأول مرة بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية، وأنها تريد أن تقول أيضا إننا جاهزون لاستهداف دير الزور إذا تطلبت الحاجة”.
ورأى الحمادي أن “هناك تنافسا على منطقة دير الزور بين الحلف الأمريكي مع قوات سوريا الديمقراطية وبين الحلف الروسي الإيراني وقوات النظام السوري”.
وأوضح أن “الضربة الصاروخية الإيرانية، استهدفت مدرسة للنازحين وجسرا يعبر إلى منطقة الميادين، وإذا أرادوا أن يستهدفوا تنظيم الدولة لماذا لم يقصفوا دير الزور، لكن هناك تنافسا على دير الزور”.
مرحلة جديدة
من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي بأن الهجوم الصاروخي على مواقع الإرهابيين في سوريا هو بداية مرحلة جديدة في إستراتيجية إيران في مواجهة “الإرهابيين”.
وقال في تصريح مقلته وكالة “تسنيم” الإيرانية إن “الهجوم الصاروخي، ذكي وفي وقته ويوجه إليه كامل الاحترام. على الإرهابيين أن يعلموا أن إيران هي بلد قوي في المنطقة والعالم ولن تسمح بالتصرفات التي تزعزع أمنها”.
وأضاف أن “الهجوم الصاروخي هو بداية لمرحلة جديدة في إستراتيجية إيران لمواجهة الإرهاب، كنا في السابق نساهم عبر إرسال مستشارين عسكريين لمكافحة الإرهاب، لكننا اليوم ندافع عن أرضنا عبر إطلاق الصواريخ النقطية على مواقع الإرهابيين”.
وأشار رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني إلى أن على أمريكا وحلفائها أن يعلموا أن ضغوطها على القدرات الصاروخية هي ضغوط بدون جدوى، وأن إيران تمتلك إرادة قاطعة في مواجهة الإرهاب، بحسب تعبيره.
عربي 21