اعتاد الدمشقيون وكل من يرتاد العاصمة دمشق، على رؤية مشروع مجمع يلبغا الواقع في شارع الثورة وسط العاصمة دمشق منذ سنوات على هيئته ولم تتحرك ساكناً أعمال بنائه، حتى بات محط سخرية كبيرة عند السوريين.
قبل أيام نشر مستثمر مشروع مجمع يلبغا “وسيم قطان” على فيسبوك فيديو رسومات بتقنية “3D”، مصوراً واقع المشروع وما سيصبح عليه كما يراه المستثمر خلال السنوات المقبلة، مظهراً عمراناً جديداً ومختلفاً تماماً وكأنه في إحدى الدول المتقدمة، واعتبر في إحدى التصريحات أن المجمع سيصبح داون تاون سوريا.
أمس الأحد 10 نيسان/أبريل أجرى موقع “أثر برس” مقابلةً صحفية مع قطان، نقل من خلالها واقع التجمع والتحديات التي تعيق تقدم المشروع، حيث اعتبر أن الواقع الحالي للمشروع وما يظهر عليه هو بسبب وجود بسطات في الشارع.
وأضاف قطان أن العمل على المشروع يتم خلال مراحل، أقصاها ثلاث سنوات وسينتهي العمل عليه، معلناً أن العمل في تنفيذ المشروع قد بدأ على أرض الواقع مستشهداً بتواجد العاملين هناك أمام المجمع، وأنه قد تم تنفيذ ما يتراوح نسبته بين 70-80% من أربعة طوابق.
مجمع يلبغا مثال للفساد الإداري والاقتصادي في سوريا
لم يتوقف إنشاء مجمع يلبغا عاماً أو عامين، بل شاهد السوريون جيلاً بعد جيل أساسات ذلك المجمع ومخططاته، وتوقف ساكناً دون أي حركة بناء لأكثر من 35 عاماً، في حين تعود دراسات المشروع لستينيات القرن الماضي قبل أن تبدأ مؤسسة الإسكان العسكرية إنشاءه عام 1973.
وتعرضت عملية البناء خلال كل تلك السنوات وإلى اليوم إلى معوقات ومشكلات واسعة عدا عن انتهاكات كبيرة، منها هدم جامع تاريخي وأثري يعود عمره لأكثر من ستة قرون لأجل بناء المجمع وكان ذلك الجامع أحد أكبر جوامع دمشق خارج السور.
ومن المشاكل التي تعرضت لها عملية البناء والتي أظهرت حجم الفساد الإداري والتنظيمي لحكومة الأسد الأب والابن، هي مشاكل قانونية في دراسة المشروع والأرض المنشأة عليه، وبيولوجية في طبيعة الأرض، فمنها ما يتعلق بحدود العقار مع مدينة دمشق، وأخرى في وجود مياه جوفية في الأرض والتي استمرت عملية سحبها سنوات عديدة وسبب ضخها مشكلات في الأبنية المجاورة.
توقف العمل في المشروع عشر سنوات قبل أن تفرغ المياه الجوفية وتبدأ من جديد عمليات بنائه في عام 1990 وحتى 2004، لينتقل العمل في المشروع إلى وزارة الأوقاف التي بدأت استثماره عام 2007، وتنقل استثماره لشركات عدة ابتداء مع شركة “ميكسا” السعودية مقابل 240 مليون ليرة سورية، وشركة قصر الملكة الإماراتية ب 475 مليون ليرة، لكن تلك الشركات تبين أنها سورية تحت مسميات عربية لأجل استثمار المشروع وابتلاع مقدراته، وذلك بحسب تلفزيون أورينت.
مجمع يلبغا في عهد الثورة السورية
خلال سنوات الثورة السورية افتتح في زاوية التجمع جامعا صغيرا سمي “جامع سيف الدين يلبغا” عام 2014، وبني على نفقة صابر حمشو والد محمد حمشو، في حين تحول المشروع لمكان يحتجز فيه المعتقلين والمتظاهرين ونقطة لقناصين من قوات النظام.
في عام 2018 أعلنت وزارة الأوقاف عن إرساء عقد استثمار مجمع يلبغا على المستثمر وسيم قطان، مقابل مبلغ سنوي وصل إلى مليار وعشرين مليون ليرة سورية لتحويله إلى مجمع سياحي وتجاري، بعدما كان يفترض أن يكون مجمعاً دينياً، وبدأت شركة قطان “إنترسكشن” بداية عام 2019 أعمال الصيانة والتجهيز لإكساء وتأهيل مجمع يلبغا، والذي أنفق عليه أضعاف ما كان مقدراً له، إذ تقدر تكلفته إلى اليوم أكثر من 700 مليون ليرة سورية.
الجدير ذكره أن المجمع أصبح مدعاةً للسخرية عند السوريين والذين يصيغون النكات حوله لطول مدة إنشاءه، وعلى تقرير “أثر برس” الخاص بالمجمع علق “شادي أبو شهد” ساخراً (اذا حجر الأساس عام 1982 سيكون جاهز عام 2982) في حين قالت “lama diab” (في امل يعني نشوفه، دبي عملت اكسبو وبنت وساويت وهل داون تاون ماكان يخلص) وأضافت “lama albaba” (مو محرزة قربت القيامة).
تقرير خبري/إبراهيم الخطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع