لعلها السماحة أو ربما ردّ الجميل هو ما حمل نظام الأسد على قبول توقيع اتفاقية 18 يناير الجاري مع الحليفة روسيا حول “استئجار” قاعدة طرطوس البحرية على البحر المتوسط لمدة 49 عاماَ.
قد لا نتفاجأ بذلك؛ كون هذه الامتيازات الهائلة التي حصل عليها الجانب الروسي “بموجب اتفاقية إقامة قاعدة طرطوس” بدون مقابل.. حيث أفادت مصادر روسية رفيعة المستوى بأنه قد سبق لروسيا أن قدمت الكثير من المساعدات والامتيازات كان لها الدور الأكبر في بقاء بشار الأسد على السلطة وقدمت قوة عسكرية جوية قلبت الموازين على الأراضي السورية، ليظهر جلياً السؤال الذي يطرح نفسه: هل سددت موسكو الفاتورة مسبقاَ لتستأجر القاعدة دون مقابل؟
تتمتع تلك القاعدة وفقاَ للاتفاق بحصانة كاملة من القوانين السورية، ويمكن مدها لفترة 25 عاماً آخر وأيضا بدون مقابل.
“طرطوس” التي تتمتع بميناء سوري على البحر المتوسط، بات من الواضح اليوم ضياع هويتها السورية التي كانت تتمتع بها على مر سنين طوال، وخاصة بعدما كشف الاتفاق الهادف لتوسيع القاعدة المراد به تمكين استقبال إحدى عشر سفينة حربية روسية في وقت واحد.
ملعب رحب وفرصة مستقبلية للحليفة روسيا أمام تحقيق مصالحها على الأراضي السورية، التي تبدو معتمدة فيه وبشكل كبير على الميناء السوري النافذة لطموحاتها على البحر المتوسط، حيث جاءت بنود الوثيقة مؤكدة على تأمين روسيا حماية القاعدة: براً وبحراَ وجواَ.
سيطرة كاملة على أرض السوريين المفترضة من قبل من كان له الشأن الأكبر في تدميرها، وتهجير أهلها بعيداَ، لتسنح له الفرص، الواحدة تلو الأخرى، لنيل القطعة الأكبر والأشهى من الكعكة السورية، نصّ تمتّع البحرية الروسية بطرطوس بحصانة كاملة من القوانين السورية، مما سيحول هذه البقعة إلى شبه أرض روسية.. ربما على الشعب السوري أن (يهز أذانه) جيداً لسماع مثل تلك الاتفاقات مستقبلاً؛ كون ذلك نتيجة متوقعة لمقدمات لم تكن تسير بغير ذلك.
فرأس النظام يذهب أو يذهب به دون أن يرّف له جفن أمام ذوبان سيادته، من تحت قدميه بفعل (حرارة الصداقة) والمساندة الروسية والإيرانية أيضاً.
بنود وثائق عدة تمنع الأهل في سوريا من حقوقهم الوطنية وتهديها لأجانب غرباء قدموا إلى الوطن لأخذ ما ليس لهم بقوة الحديد والنار وفن السياسة والتهجير.
فجميل الراعي الروسي يطوّق عنق النظام ويحمله على الردّ ليرمي على عاتق الشعب السوري حملاً ثقيلاً ويمنع إرادته الراغبة بالتغيير ونيل الحرية.. ليس اليوم من النظام فحسب بل من أعوانه أيضاً من الروس والإيران.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد