نشرت وكالة دايلي صباح أمس الجمعة، مقالاً كتبه خبيرٌ اقتصاديٌّ محاضرٌ في جامعة جراح باشا إسطنبول، حلل فيه واقع تركيا في صراعها مع التضخم الاقتصادي، اطلع عليه المركز الصحفي وترجمه بتصرف.
ليس من السهل إعطاء أخبار جيدة عن التضخم. في 4 كانون الثاني 2021، أعلن معهد الإحصاء التركي (TurkStat) أن التضخم في تركيا في كانون الأول 2020 بلغ 1.25٪ وأن التضخم السنوي لعام 2020 بلغ 14.6٪، وهو ما يتجاوز توقعات السوق.
تشهد تركيا انخفاضاً محدوداً في الطلب، خاصةً في صناعة الملابس. يمكن القول أن الوباء قد أثّر على طلب الملابس أكثر من غيره. وبسبب انخفاض أسعار الملابس، كان للصناعة تأثير واضح على هبوط التضخم.
وغنيٌّ عن البيان أن الانفاق السياحي، الذي أضعفه الوباء، له تأثير أيضا على التضخم.
بالإضافة إلى الملابس، يبرز التبغ بين العناصر ذات الزيادة الأقل. على الرغم من وجود حاجةٍ فعليةٍ إلى زيادة هذا القطاع، إلا أن هذا الاحتمال قد انخفض بحلول آخر تخفيضٍ ضريبيّ.
بشكلٍ عام ، يمكننا رؤية الآثار السلبية لأسعار السلع على التضخم. فإن ارتفاع أسعار المعادن الأساسية على السلع الاستهلاكية المعمرة والسلع الزراعية لها تأثيرٌ سلبيٌّ على أسعار المواد الغذائية. بلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 20.6٪، وهو أعلى بكثيرٍ من مؤشر أسعار المستهلك (CPI).
السبب الرئيسي لارتفاع التضخم في تركيا هو استخدام المستورد في الإنتاج. مع ارتفاع سعر الصرف، تصبح المواد المستوردة باهظة الثمن.
في هذه المرحلة، فإن أهم الإصلاحات الهيكلية هي الإنتاج المحلي، وإنتاج البذور الوطنية والثروة الحيوانية، وصادرات التكنولوجيا الفائقة، والاستثمارات في الطاقة المتجددة.
على المدى القصير، فإن محدد تضخم مؤشر أسعار المستهلك هو سعر الصرف وأسعار الاستيراد.
فأسعار الاستيراد أيضاً تعتمد على أسعار الصرف وأسعار السلع. لذلك، عندما يرتفع سعر الصرف والسلع، لا يمكنك عادةً كبح جماح التضخم.
يمكن لتركيا إدارة خفض التضخم من خلال البنك المركزي إن تقدم بالخطوات الصحيحة وإطار الاقتصاد الكلي المناسب.
على الرغم من ارتفاع قيمة الليرة التركية، إلا أن العملة تراجعت إلى مستوياتٍ منخفضةٍ قياسيةٍ على المدى الطويل. لهذا السبب، سوف نرى تأثير سعر الصرف التراكمي في الفترة القادمة.
يمكن أن تشهد تركيا زيادةً في التضخم في عام 2021، والتي ستتأثر أيضا بقطاع الخدمات. في هذه المرحلة، يعد الاتجاه الذي يختاره البنك المركزي التركي لخطوته التالية مهماً للغاية.
هناك العديد من الأسباب للتضخم: إذا سألت سكان تركيا، فإنهم عادةً ما يذكرون سعر الصرف على أنه السبب الرئيسي.
عندما يرتفع سعر الصرف في الاقتصادات التي تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على العملات الأجنبية، فإن تكلفة السلع الاستهلاكية المستوردة والتوقعات وتكاليف المدخلات والتمويل ترتفع بسرعةٍ، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار المحلية.
لهذا تناقش مسألة التحول من سعر الصرف إلى التضخم بشكلٍ دائمٍ.
ويمكننا القول: إن زيادة سلة العملات بنسبة 45٪ منذ بداية عام 2020 ستؤثر على التضخم بحوالي 6٪ إلى 8٪ هذا العام وحده.
ستكون مكافحة التضخم والحاجة إلى التمويل الخارجي من القضايا الصعبة الأخرى التي تواجه الاقتصاد التركي في عام 2021.
حتى لو اتخذت الدولة الخطوات المناسبة، فقد لا تحصل على النتائج في كلتا القضيتين بالسرعة التي نرغب فيها. هذا هو السبب في أن عام 2021 هو العام الذي يجب أن تتحلى فيه تركيا بالصبر الشديد والتصميم.
تشمل آثار التضخم مستويات معيشيةٍ منخفضةٍ لمن يكسبون دخلاً منخفضاً أو عاطلين عن العمل، وكذلك لمن لديهم مدخراتٌ منخفضةٌ.
زيادة الاستهلاك ومعدلات الفائدة المرتفعة من بين العوامل الأخرى التي ترتبط أيضا بالوضع. فيما يرجع السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الفائدة هو التضخم المرتفع.
إذا صبرت تركيا، فيمكنها خفض التضخم إلى 4٪ -5٪. وفي حال سارت الأمور كما هو مخطط لها، سينخفض التضخم وأسعار الفائدة، وستتمكن الشركات التركية من الحصول على قروضٍ بأسعار فائدةٍ بأرقامٍ من خانةٍ واحدةٍ.
ترجمه بيان آغا
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
رابط المقال الأصلي