تعتبر سوريا كارثة إنسانية هائلة لا يمكن تصورها. هناك حرب أهلية شرسة تدور رحاها هناك, المدن أصبحت ركاما, والبراميل المتفجرة تتسبب بالمذابح العشوائية, حتى الأسلحة الكيماوية استخدمت, وأعضاء الدولة الإسلامية المختلون يرتكبون عمليات الإعدام الجماعية.
من غير المثير للدهشة, أن الصراع ولد أعداد مهولة من المشردين في الداخل ومن اللاجئين: حوالي 3.5 مليون شخص تقريبا هربوا حاليا إلى دول أخرى. في مخيمات اللاجئين الكبيرة في المنطقة هناك تقارير تشير إلى حصول حالات اعتداء جنسي إضافة إلى ظروف معيشية مزرية, زاد من صعوبتها حالة الطقس القاسية في المنطقة.
اللجوء في الدول الغربية يوفر الاستقرار وفرص الأمن والتعليم واللباس والغذاء للأطفال. عندما يكون الخيار ما بين المعاناة القاسية في سوريا أو مخيمات اللاجئين من ناحية والاستقرار في أوروبا من ناحية أخرى, فإن البعض يرغب دون تردد بالمخاطرة في حياتهم وحياة أحبابهم وعبور البحر المتوسط.
قدرت الأمم المتحدة أنه في عام 2014 حوالي 3500 شخص ماتو وهم في طريقهم في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر, حدث ذلك بينما كان القوات البحرية وعمليات البحث والإغاثة جارية على قدم وساق. دراسة بريطانية تشير بأن تسيير دوريات وعمليات إنقاذ للاجئين الذين يحاولون عبور المتوسط رغم كل المخاطر ربما يكون “عامل جذب”. كما لو أنه ليس هناك عوامل دفع أخرى كافية.
عمليات الانقاذ والبحث انتهت في نوفمبر الماضي. منذ ذلك الحين, عدد اللاجئين الذين يلقون حتفهم في البحر زادت بصورة كبيرة.
عدائية الحكومة البريطانية تجاه السوريين لا تقتصر على تركهم يغرقون في البحر. هناك العديد من السوريين وأسرهم أو ممن لديهم روابط معينة في بريطانيا, ربما على الرغم من الصراع أو ربما بسببه لا زالوا يريدون زيارة بريطانيا أو الدراسة أو العمل فيها. تظهر إحصائيات الهجرة الرسمية بأن معدل رفض السوريين الذين تقدموا للحصول على تأشيرات قد تضاعف, من حوالي أقل من 30% قبل الصراع إلى 60% في ديسمبر 2014.
كما أن سجل المملكة المتحدة في رفض طلبات لجوء السوريين في حالة يرثى لها. فقط بعد الضغط الكبير من قبل الأحزاب والمجتمع المدني احرجت حكومة بريطانيا واضطرت إلى أن تعلن في يناير 2014 أنها سوف تدير برنامج إعادة توطين خاص بها. ولم تقدم أي التزام بأي عدد في ذلك الوقت.
بعد عام, تظهر الإحصاءات الرسمية بأنه بالكاد تم توطين 143 سوري في إطار البرنامج. على نقيض ذلك تم توطين 30000 سوري في ألمانيا, التي تدير برنامج اسمه “سريع وفعال وودود” أشادت به الأمم المتحدة, أو مع وجود 1.1 مليون لاجئ سوري في لبنان, الدولة الصغيرة التي يشكل اللاجئون فيها ما يقرب من 26% من تعداد سكانها.
التفاوت الهائل في الاستضافة لا يمكن توضيحه من قبل بريطانيا التي تلقت طلبات لجوء مباشرة أكثر مما تلقته ألمانيا من السوريين الذين استطاعوا الوصول إلى شواطئنا بمبادرة فردية منهم. ما بين عام 2011 و2014 وفرت ألمانيا لجوء ل 43000 سوريا ضمن خطتها لإعادة التوطين ؛ أي أكثر بعشر مرات من ال 4292 لاجئ الذين تم قبولهم في المملكة المتحدة.
ولزيادة الطين بلة, اتخذت بريطانيا إجراءات ترحيل ضد السوريين: أكثر من 50 شخص تم ترحليهم إلى دول أوروبية ما بين يناير 2013 وديسمبر 2014, بعضهم كانوا أفرادا ضعفاء.
ليس كرم الضيافة البريطاني في حالة سيئة جدا فقط, بل إن حكومتنا تتصرف كما لو أنها تعتقد أنه يجب أن يغرق اللاجئون من أجل ردع الآخرين.
الغارديان
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي