ما تشهده حلب الجريحة من معارك دموية ومجازر يومية، غيرت من معالم المدينة وأودت بحياة الكثيرين من سكانها المتمسكين بأرضهم ومع دفعهم لأرواحهم وممتلكاتهم أصبحوا أسطورة النضال والعطاء التي تدل على عراقتهم المتأصلة منذ القدم.
قتلى وجرحى معظمهم أطفال سقطوا إثر قصف من طيران روسي يستهدف أحياءهم السكنية تبدأ في السكري وصلاح الدين وتستمر في كفرناها والأتارب التي باتت مجازرها محفورة في الذاكرة وخان العسل بريف حلب الغربي، لتبعد كيلو مترات عدة عن مناطق تشهد معارك عنيفة بين المعارضة المسلحة وقوات النظام وأعوانه من حزب الله والروس.
ولدى لقائنا مع أحد مقاتلي المعارضة “أبو عمر ” كشف لنا عن سخونة الاشتباكات، إلا أن الثوار مصممون على التقدم وفك الحصار عن الأهالي، ما مكنعم من قتل سبعة من مسلحي حزب الله اللبناني عداك عن تدمير عربات روسية كانت تتابع الأرتال القادمة إلى حلب عبر الطرق القريبة من حماه لدعم نظام تزداد همجيته وعنفه مع ازدياد رد المعارضة على تلك الهمجية وبالطبع سخونة المشهد في أحياء حلب الغربية وريفها تتزامن مع هدنة معلنة سابقاَ من وزارة الدفاع الروسية على حلب والتي حددت منفذين لخروج المدنيين والعسكريين، إما باتجاه الحدود السورية التركية أو باتجاه “ريف إدلب إنه لعبة دولية لتفريغ المدينة من المقاتلين أولا ثم السكان الأصليين ثانيا ما يمهد للنظام بيع المدينة –لاسمح الله إلى الإيرانيين لنشر الخارطة التشيعية في بلاد الشام.. وهذا لن يحلموا به ما بقيت الروح في الجسد “.
لم تقصف الأحياء المحاصرة ولم يسجل خروج للمدنيين والعسكريين الذين لم يأمنوا من الغدر والاختراقات، وكون أهالي المدينة ممن رفضوا الظلم ونادوا بالحرية من جديد ليعيشوا بكرامة أو يموتوا تحت أنقاض منازلهم المهددة بالقصف في أي لحظة.. مع روس متعاونين على الظلم يرافق الأهالي خوف من إعلان روسيا انتهاء الهدنة بمثابة إعلانها حملة قصف جديدة تعود لتستهدفهم من جديد في أحيائهم المحاصرة.
ويبقى السؤال ما المغزى من هذه الهدن الروسية التي لا تصمد وتستمر سوى ساعات وأيام؟!
هي من تبدؤها وهي من تنهيها.. لعلّها تكون إنذارا للاستسلام ورمادا في العيون أمام المجتمع الدولي أو إن صح التعبير هي لشرعنة قتلها للأطفال والأبرياء من المدنيين، ناهيك عن إتاحة فرصة لنظام الأسد وأعوانه لاستعادة الأنفاس من جديد في المعارك الدامية.
والأهل في حلب لا يحسدون على أيام تزداد قلقاً وتوتراً تتفاقم مع عظم معاناتهم، 350ألف نسمة من المدنيين في أحياء حلب المحررة ينتظرون فرجاً قريبا.. ومع حسم قوى المعارضة شأن القتال في حلب، المعارك في كر وفر وسيقاتلون لآخر لحظة لتحرير حلب ودفع الظلم عن أهلها.
حلب.. غدت هذه المدينة المنكوبة الهدف الأول لقلب موازين الحرب في سوريا لكلا الطرفين، والمدنيون فيها، يترقبون حسم تلك الحرب الدامية بدعاء يملأ السماء رجاء وأملا وقلوب طفحت من الآلام، ومع أنّات الثكالى والصبر والخوف من المجهول يبقى الأمل بالفرج القريب هو الهدف الأول.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد