لم يعد سراً أن الدوري الانكليزي هو الأكثر ثراء من بين الدوريات العالمية، بل الأكثر مردوداً اذا اقترن بنجاحات لافتة، خصوصاً في الدوري الممتاز، الذي يحصل منافسوه العشرون على ما معدله 180 مليون جنيه استرليني سنوياً لكل منهم مكافأة على المشاركة، ولهذا أصبحت الأندية الانكليزية مثاراً لشهية الأثرياء والمستثمرين وهوامير عالم الأعمال، لكن كم من مستثمرينا العرب ضخوا أموالهم وتملكوا أندية من بلاد الضباب؟
لعل أبرز الاسثمارات العربية في الكرة الانكليزية تعود الى الشيخ منصور بن زايد وصندوق أبوظبي للاستثمار بتملك نادي مانشستر سيتي في 2008، ليقلب حاله من فريق وسطي ومتأرجح بين الدرجة الممتازة والاولى، الى قوة أوروبية حقيقية، محرزاً 10 ألقاب منذ 2008، بينها 4 بطولات دوري، لكن كان يتعين على الشيخ منصور انفاق نحو 1.7 مليار استرليني في 11 عاماً على نجوم ومدربين من الطراز الاول، بالاضافة الى انشاء مركز تدريب عالمي، كي يجعل من النادي قوة راسخة في عالم اللعبة، لترتفع قيمته من 210 ملايين استرليني التي دفعها الشيخ الاماراتي لتملك النادي، الى نحو 3 مليارات دولار اليوم، وبمداخيل تقدر بنحو 465 مليون استرليني سنوياً، لينقلب حال السيتي تماما عما كان عليه قبل أكثر من عقد من الزمان.
وفي 2018 نجح الملياردير المصري ناصف ساويرس بالشراكة مع رجل الأعمال الأمريكي ويز ايدنز بتملك حصة أغلبية بلغت 55% في نادي أستون فيلا، الصاعد الجديد الى الدرجة الممتازة هذا الموسم، رغم ان النادي الذي يتخذ من مدينة بيرمنغهام، ثاني أكبر مدينة انكليزية، مقراً له، يعد تقليدياً من الخمسة الكبار، لكنه عانى تحت ملكية الامريكي راندي ليرنر من 2006 الى 2016 الذي كان يبحث عن الأرباح السريعة بدل الاستثمار والبناء. واليوم يبدو فيلا عائداً الى حظيرة الكبار.
شيفيلد يونايتد هو النادي الثالث والأخير في الدرجة الممتازة، الذي يتملكه عربي، وهو الامير السعودي عبدالله بن مساعد، وأيضاً النادي صاعد جديد الى البريميرليغ بعد غياب 12 عاماً. لكن ملكية الأمير للنادي جاءت بعد صراعات في المحاكم مع الشريك السابق في الملكية كيفن مكابي، قبل ان تقرر المحكمة قبل شهرين ملكية الأمير الكاملة للنادي، وعلينا الانتظار لنرى كيف سيقود الامير النادي.
وخارج الدرجة الممتازة، هناك العديد من الملاك العرب، أبرزهم عائلة علام المصرية المالكة لنادي هال الشمالي، منذ 2010، ورغم ان رجل الأعمال عاصم وابنه ايهاب اشتريا النادي بجنيه استرليني واحد، الا أن الاتفاق مشروط باستثمار العائلة 30 مليون استرليني، ومنها سداد ديون النادي، ونجحا في قيادة الفريق الى الدرجة الممتازة مرتين في 2012 و2016، لكن العائلة اصطدمت مع جماهير النادي في 2013 عندما حاولت فرض تغيير اسم النادي الى “هال تايغرز” (نمور هال) لأسباب تسويقية، لكن الجماهير رفضت، لتقرر العائلة عدم الاستثمار المزيد في النادي وطرحه للبيع، لكن رفضت العديد من العروض.
في الدرجة الثانية، تملك عائلة القاضي الأردنية نادي بريستول روفرز، الواقع غرب انكلترا، ويرأس النادي وائل القاضي، الذي يملك 92% من النادي، والتي انتقلت الى اسم “دواين سبورتس” المملوكة للعائلة. ونجح النادي في التأهل من الدرجة الثالثة الى الثانية منذ تملك العائلة ويقبع حالياً في منتصف الترتيب.
في الدرجة الثالثة (الاخيرة في سلم الاحتراف)، يبرز ماكلسفيلد القريب من مدينة مانشستر، الذي يملكه البريطاني العراقي الأصل عمار نوري القاضي. النادي يعاني مادياً بشدة خلال هذا العام الى درجة ان لاعبيه أضربوا عن اللعب مرات عدة بسبب عدم استلامهم مستحقاتهم، علما ان القاضي المنتسب الى النادي منذ 2003، دفع ديون النادي في 2014، لكن مشاكل مع مصلحة الضرائب أعاقت النادي مجدداً.
وناد آخر يعاني من أزمات مالية، هو أولدهام في الدرجة الثالثة أيضاً، يملكه وكيل اللاعبين المغربي عبدالله لمسقم منذ مطلع 2018، وأيضاً عانى النادي مع مصلحة الضرائب وعدم دفع مستحقات. وقال لمسقم بعد تملكه النادي: “أنا لست مليارديريا ولكن أسير خطوة خطوة”.
هناك نوعان من المالكين، واحد يبحث عن الأرباح السريعة، وعادة ما يفشل سريعا، وآخر يستثمر على نار هادئة وبخطوات محسوبة، وهناك نوع ثالث لا تهمه الأرباح والخسائر بقدر ما يهمه المتعة والبريستيج، ومن السهل التفرقة بينهم.