محاضرنا القانوني بعد أن أسهب بالحديث عن القانونين وأثرها توقف فجاءة وقال بصوت حازم: “يا شباب هل تظنون أن النظام يقتل خارج القانون، لا إنه يقتل بالقانون نفسه يُكيف القوانين ويعدلها ليكون له منفذا للهروب من المساءلة”.
منذ أيام أصدر رأس النظام قانوناً يجرم فيه التعذيب – لا تضحكوا الأمر ليس بنكتة – القانون يصف التعذيب كأنه يصف ما يجري في أقبية الأمن ومخابرات الأسد، فيقول التعذيب كل عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً يلحق بشخص ما، للحصول منه أو من شخص آخر على معلومات أو اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو تخويفه أو إكراهه على القيام بعمل ما، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب بشخص لأي سبب يقوم على التمييز أياً كان نوعه، كما يشمل الأفعال التي تقع من قبل شخص أو جماعة تحقيقاً لمآرب شخصية أو مادية أو سياسية أو بقصد الثأر أو الانتقام.
ثم يفصل القانون العقوبات التي تتدرج من السجن ثلاث سنوات إلى الإعدام إذا نجم عن التعذيب موت إنسان أو تم الاعتداء عليه بالاغتصاب أو الفحشاء أثناء التعذيب.
إذا حاكمنا النظام وفق قانونه السابق فسينال أغلب قادته وعناصره عقوبة الإعدام، بما ارتكبوه بحق السوريين من قصف عشوائي وتهجير وانتهاكات تجري في أقبية المخابرات والأمن، فهل يضع النظام حبل المشنقة على عنقه بإصداره هذا القانون؟
أم كيف يمكن أن نفسر انتظار نظام الأسد منذ العام 1970 إلى العام 2022 ليصدر قانوناً يجرم التعذيب بعد أن مارسه خلال كل تلك العقود وذهب ضحيته مئات الآلاف هل هي صحوة ضمير متأخرة ؟!.
بالتأكيد لا فمن يواظب على القتل ويمتهنه ويشرع التعذيب ويحمي مرتكبيه بنص القانون، لن يبقى في وجدانه أي تأنيب لضمير ولا في مصطلحاته كلمات العدالة والمساءلة.
قانون التعذيب لا يتعدى كونه ” بروباغندا ” دعائية من النظام فأقبية المخابرات وعناصرها محمية بحكم القانون ولا تخضع للرقابة أو التفتيش، وكما يقولون بالعامية “تبييض طناجر” أمام الرأي العام العالمي بعد فاحت الرائحة وزكمت الأنوف، وعقدت محاكمات لضباط من النظام في كوبلنز بألمانيا كشفت عقلية الإجرام لدى النظام، وسمحت فرنسا بمحاكمة رموزه ونشر قيصر الصور الصادمة للبشرية عن التعذيب الممنهج.
نحن أمام صفحة جديدة من الحقائق ستفاجئ الرأي العام في العالم عن الوجه القبيح للنظام السوري ولن تفلح معها مساحيق التجميل وعطورات القوانين التي يصدره الأسد في تخفيف وقعها.
محمد مهنا – مقالة رأي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع