“بدأت قصتي في أواخر شهر رمضان، وفي ليلة القدر، تحول دعائي إلى دعاء لزوجي بالرحمة والمغفرة، والتحضير لعيد الفطر هو تحضير لمراسم عزائه “.
تروي أم نعيم 40 عاما، وأم لخمس أطفال قصتها، مخبئة خلف كبريائها بحرا من الحزن والألم.
فقد ارتكب النظام السوري مجزرة بحق المدنيين في مدينة سراقب راح ضحيته 12 شهيدا بسبب القصف العنيف الذي تشهده هذه المدينة.
تكمل أم نعيم : ” تراكمت الأفكار والصراعات في مخيلتي، كيف سأكمل طريقي لوحدي، كيف سأربي أطفالي بمفردي، والأمرّ كيف سأعيش من دونه ؟! ”
وتكمل: “صرخت بصوت لم يسمعه أحد سواي، لن أسمح لأحد بالتدخل في حياتي وحياة أطفالي، وسأربي أولادي وأرسم مستقبلهم بدموع عيني وعرق جبيني، وسأعلمهم كما كان يرغب والدهم، ولكن.. سأواجهه يوم القيامة، لأخبره بأنه حملني فوق طاقتي، ومع هذا سأخبره أنني أديت واجبي تجاه أولادنا، وأنني لم أحرمهم شيئا، وأنني تحملت الكثير من الضغوطات الجسدية والنفسية، لأؤدي رسالتي كما يجب “.
تصدت المرأة السورية لحمل أعباء الحرب المعنوية المتمثلة بفقد السند سواء كان الزوج أو الابن أو الأب، فالأصل في المجتمع السوري أن الأسرة تعتمد على الرجل بشكل كلي، سواء كان في تأسيس العائلة وتأمين الظروف المعيشية والاحتياجات الأساسية للحياة.
وتقول: ” لحد هذه اللحظة لم أصدق خبر وفاته، بل كلي ثقة بأنه معي، ومازالت روحه ترافقني في تفاصيل حياتي اليومية، حتى وإن كان جسده تحول لرماد “.
أم يحيى 37 عاما، وأم لثلاثة أطفال تقول ” أجبرني أهلي وأهل زوجي بالزواج من أخيه، بحجة أنهم لا يقبلون أن يربي أطفالي شخص غريب وأن عمهم هو سيكون الأحن عليهم برأيهم ! ، فكانت الحقيقة أدهى و أمرّ، فإما أن أقبل بالزواج منه، أو أتزوج شخصا غيره ربما لا يقبل أن يتحمل تكاليف تربيتهم ، وما أصعب أن يكون لدي خياران، الأحلى بينهما.. مرّ “.
فغياب المعيل أمر يصعب التأقلم معه بالنسبة لأغلب النساء السوريات مما حدا بهن للاعتماد على أنفسهن، خصوصا أن أوضاع البلاد الاقتصادية لا تساعد أن يقوم أحد من أقربائهن بمد يد العون لهن.
أما أم نعيم التي استطاعت أن تصمد في وجه اقتراحات وتنظيرات من حولها حول مصيرها ومصير أولادها فتقول : ” كلّ منا إذا أصرّ على شيء وصل إليه بالإصرار والعزيمة ، فالحياة مستمرة، ولن تقف عند أي طارئ أو كارثة ” .
متناسية ما مر معها من أحداث مريرة متطلعة نحو مستقبل أولادها الذي تخطه بيدها حرفا بحرف.
المركز الصحفي السوري_ أسيل أبرص