بخطاب الشُّرفة الذي أعلن فيه أحمد داوود أوغلو فوز حزب العدالة و التنمية في الانتخابات النيابية المبكرة، التي أجريت يوم الأحد: 1/ 11/ 2015م، حاصلاً على 49,36% من الأصوات، و بعدد 316 عضوًا من أصل 550 من مجموع أصوات البرلمان، بما يمكنه من تشكيل الحكومة منفردًا.
بذلك تكون الحياة قد عادت إلى طبيعتها في تركيا، ليتمّ تفعيل كثير من الأمور المجمدة خلال الفترة الممتدة من: 7/ 6/ و حتى: 1/ 11/ 2015م.
و بعض من هذه الأمور ما يتعلق بالملف السوري، إذْ وصلت الأمور فيها حدًّا ألّا تخاطب وزارة الخارجية إدارات المعابر الحدودية، و لاسيّما البرية منها مع سورية، و تحديدًا معبر ( جيلفا غوزو: باب الهوى )، من أجل اعتماد أرقام جوازات الائتلاف.
ناهيك عن عمليات الإغلاق المتكررة التي وصلت إلى حدّ الإغلاق في معبري: باب السلامة، و الهوى؛ الأمر الذي ضيَّق على السوريين كثيرًا، و قلّص تحركاتهم على اختلاف أنواعها، ممّا جعل الأتراك أنفسهم يضيقون ذرعًا بذلك، بسبب تعطل كثير من مصالحهم التجارية مع التجار السوريين.
و من المتوقع أن يتعدى الأمرُ ما ذكرنا، إلى أمور معاشية أخرى ستعود بالنفع على السوريين المقيمين في تركيا كما وعد بذلك والي غازي عنتاب الأطباءَ و الأساتذةَ السوريين بإجراءات ستجعلهم في وضع لا يقلّ عن نظرائهم الأتراك.
هذا فضلاً على الأمور التي كانت في طريقها إلى حيز التنفيذ، ثم طالها التوقف و التجميد، على مستويات أكثر التصاقًا بالشأن السوري، كالملفين السياسي، و العسكري.
فعلى الصعيد العسكري أعطت الظروف الاستثنائية تلك، مزيدًا من الإغراء للتدخل الروسي بالشكل الذي شهدته الساحة السورية، و غير بعيد عنها التحرشات الجوية التي تعامل معها الجيش التركي بشيء من الحزم، عندما تجاوزت طائراته المسافة المسموح بها في استدارتها في مناطق الحدود بين الدول، فكان إسقاط إحداها ( طائرة الاستطلاع ) رسالة استوعبتها روسيا و الأسد على حدّ سواء.
و يأتي ضمن ذلك تجاوزات وحدات حماية الشعب الكردية في مناطق تل أبيض سواء بتهجير الأهالي من العرب و التركمان، أو بإعلانها منطقة إدارة ذاتية رابعة تحت إشرافها.
و غير ذلك من أمور الدعم اللوجستي الذي تراجع كثيرًا، بسبب حالة الجمود تلك، و يتوقع أن تتمّ زيادة وتيرته بالتنسيق مع الأطراف الخليجية ( السعودية، و القطرية ) خلال الفترة القادمة بناء على معطيات هذه النتائج، بما يساعد على تغيير موازين القوى على الأرض، تمهيدًا للشروع في العملية السياسية في حال انطلاقتها، أو لإحراج الروس و جعلهم يعيدون التفكير في حال الإبقاء على خيار التصعيد العسكري.
و فيما يتعلّق بالجانب السياسي فإنه يتوقع أن يتمّ التعامل مع مكونات الثورة السورية برؤية الحكومة صاحبة القرارات النافذة، و ليس برؤية حكومة تصريف الأعمال المؤقتة؛ فيعطون من النصح و المشورة و الاهتمام لممثلي الثورة من السياسيين، كما كانت عليه الحال في أيام انتخاب خالد خوجة الأولى على سبيل المثال، و يوعز لضباط أمن المطارات، كإسطنبول أن يُعامل أعضاء الائتلاف معاملة تليق بهم كساسة، و ليسوا كمواطنين تقطعت به السُّبُل في مطارات الدول.
هذا ناهيك عن عودة وتيرة تصريحات مسؤولي الخارجية إلى سابق عهدها فيما يخص هذا الملف أيام داوود أوغلو، و مولود جاويش، لتتناغم مع ذات الوتيرة في تصريحات الوزير عادل الجبير، الذي أخذت دولته تقود المواقف المؤيدة للثورة السورية بعد فترة البرود التي اتسمت بها التصريحات التركية في أثناء تلك الفترة.
و لاسيّما أن ذلك يأتي في وقت يشهد فيه الملف السوري حراكًا دبلوماسيًا دوليًا غير مسبوق من الإجماع الدولي، بدأ بمؤتمري فيينا ( 1، 2 )، و لربما يفضي إلى شكل من الحل يكون على حساب الثورة إن لم تكن إلى جانبها تلك المواقف المرجوة من حلفائها.
اتحاد الديمقراطيين السوريين
• د. محمد عادل شوك.