المركز الصحفي السوري _ زهرة محمد
في العصر الحديث الكثير من المهن بدأت بالاندثار، كون التغيير الآلي طغى على الكثير من الأعمال وبدأت المعامل والمصانع باستخدام الآلة عوضا عن العامل اليدوي، والذي كانت الأعمال سابقا تتم على يده في الكثير من المهن، الكثير من المهن القديمة أصبحت تشكل عملا تقليديا للسياحة أو لتكون شاهدا على العصر، أو حتى لاستعمالها في بعض الأعمال التلفزيوينة لحقبة ما.
*شيخ الكار*
وهو اسم يطلق على عميد المهنة ويكون المختص بها، وما يميزه هو أنه الأقدم والأجدر ولذلك يسمى بشيخ الكار، وكل مهنة لديها شيخ كار خاص بها حيث هناك مثلا شيخ كار الفوال وشيخ كار النخاس وهكذا، وكان كل من يريد فتح محل أو الاختصاص بحرفة أو مهنة ما، يعود لشيخ الكار و يجب عليه خوص امتحان بكافة تفاصيل المهنة فإذا لم يخضها لا يعترف به مطلقا ولا يستطيع التعامل بشكل مع أحد في مهنته .
*القباقيبي*
تعد هذه المهنة من المهن العريقة والقديمة جدا في سوريا، حيث اعتمد عليها الأهالي بشكل كبير قبل اختراع الآلات والأحذية البلاستيكية، فقد كان الناس
يلبسون القباقيب في البيوت خلال الاستحمام وفي البيوت بشكل عام، وما يميز القبقاب هو صوته (طرطقته) خلال المشي على الأرض كونه مصنوع من الخشب، إلا أن هذه المهنة أصبحت من المهن المتاحة للسياح فقط وليس للاستعمال الحقيقي .
*مبيض النحاس*
وهي تلميع النحاس المستعمل حيث يقوم المبيض، بالدوران يمينا ويسارا على القطعة المراد تلميعها واستعمال مواد خاصة لإرجاع لون النحاس لطبيعته حيث يعود وكأنه جديدا، وكان الناس سابقا يعتمدون كثيرا على المبيض لأن أغلب الأواني والصحون والطناجر والقدور كانت من النحاس، ولم يكن الألمونيوم و( الستانلس ستيل ) موجودا، وكان محل المبيض دائما مكتظا بالأواني و الناس يلاحقونه لإنهاء أوانيهم إلا أن ذلك انتهى مع اختراع الكثير من الأواني الأخرى، وأصبحت المهنة مقتصرة على الأثريات والقطع التقليدية والتي يريد البعض من أصحابها تببيضها أو تلميعها .
*البوابيري*
وهو الذي يصلح ( الببّور ) والذي كانت ربات البيوت تعتمد عليه قبل اختراع الغاز والوسائل الأخرى، وكان الببور سيد المطبخ لسنوات عديدة فلا تستطيع ربة المنزل عمل شيء بدونه من الطبخ على الغسيل حيث يتم غلي الملابس البيضاء في قدر كبير لساعات على نار الببور، وكانت مهنة (البوابيري ) رائجة كثيرا حتى زمن قريب
ولعل المدن التي عانت من ويلات الحرب في سوريا قد عادت لاستدخامه بشكل كبير مع انقطاع الغاز عن تلك المدن بسبب الحصار خلال سنوات .
*الدومري*
وهذه المهنة قد انقرضت بشكل تام، وهي مهنة إشعال المصابيح خلال الليل في الأحياء الدمشقية وغيرها، حيث كان الدومري يبدأ عمله مع هبوط الليل، ولديه فتيل وسلم يصعد به نحو المصباح الموجود في الشارع أو الحارة، ثم يشعلها ليضيء الحي، وهذه المهنة قد انتهت مع اختراع الكهرباء .
*الطرابيشي*
وهي كناية عن صانع الطرابيش والتي كانت رائجة بشكل كبير في السابق، حيث يعمل الطرابيشي على أخذ مقاسات الرأس بشكل صحيح، ليبدأ بتفصيل الطربوش على مقاسه، وكان يختار الأقمشة الجيدة والممتازة من الكشمير والجوخ، ولم تعد الطرابيش تستعمل إلا في الأعمال التلفزيونية و بعض المتاحف .
*شاوي النهر*
وهي مهنة نادرة والقليل من الناس يعرفها، والشاوي هو المسؤول عن تحويل مسارات نهر بردى في دمشق، حيث يتم تحويل مسار فروع نهر بردى بشمل متساوي، أيضا يقوم بتنظيف مجرى النهر من الأوساخ والعوالق، أيضا شاوي النهر كان مسؤولا عن تنظيف السواقي والفروع في أحياء دمشق وكان الأمر يتم بشكل دوري، ومنظم حيث يعتمد الأهالي بنظافة ماء الشرب والاستعمال على عمله .
*السقّا*
وكان عمل السقا يتم بشكل يومي، حيث يدور السقا على الأحياء والحارات ليبيع الماء للأماكن التي لا يصلها ماء الشرب ك( الطوالع ) والتي تعتبر أحياء عالية ولا تصل لها الماء، فيضطر أصحاب المنازل والمحلات لشراء الماء، أيضا يقوم السقا بتنظيف الحي بالماء، وكان السقا يحمل عصا ثخينة و( تنكتين ) قدرين على جانب العصا ويدور على الأحياء بشكل دائم، وقد اندثرت هذه المهنة مع وصول الماء لكل البيوت .
*السروجي والجليلاتي*
وقد تكون المهنتان موجودتان حتى يومنا هذا ولكن بشكل نادر جدا في بعض الأرياف التي تعتمد على الخيل والحمير في عملها، حيث كان السروجي يقوم بسرج الخيل للسباق والأمور الأخرى، أما الجليلاتي فهو المختص بعمل الجلال للحمار والذي يحمل عليه الحمول والأثقال من مكان لآخر، وكانت المهنة تعتبر من المهن العريقة جدا نظرا لاستعمال الخيل والحمار بشكل كبير في القرون الماضية .
*الحكواتي*
وقد تكون هذه المهنة الأشهر على الإطلاق رغم اندثارها ،فمن منا لا يعرف الحكواتي، والذي كان يسرد الحكايات البطولية والشعبية في مقاهي دمشق وكانت مهنة الحكواتي مهنة مهمة خاص لرجال الحي، حيث كانت أشبه بالمسرح أو السينما الغير موجودة في تلك الأيام، فيخيل للمستمع أنه موجود في القصة ويتفاعل مع أبطالها كالزير سالم وعنترة العبسي، وذلك لاحتراق الحكواتي سرد القصة فيعلو صوته أو يخفت أو يسرع مع أحادث الرواية بشكل جميل، وهنا يبدأ الجميع بالانفعال والبكاء أحيانا لدرجة أن هناك قصة تقول بأن أحد رجال دمشق وبعد أن قرأ الحكواتي حكاية عنتر وأسر فيها في أحد المعارك ،فذهب إلى بيته وقال له يجب عليك أن تحرر عنتر الليلة رغما عنك !!
وهذا دليل على مدى التفاعل مع القصص التي كان الحكواتي يسردها ويحكيها بشكل رائع، إلا أن مهنة الحكواتي، أصبحت مع الماضي واندثرت كغيرها رغم العمل على إحياءها بشكل أو بآخر للترويج للسياحة في مقاهي دمشق .
*الطرّاب*
وهي مهنة قديمة جدا، ويعمل الطراب على نقل التراب والرمل على ظهر الحمير وكانت المهنة رائجة جدا خاصة في أعمال البناء حيث يتم الاعتماد عليه بنقل التراب، وهناك مثلا يقول ( رايح جاية متل الحمير الطرّابة ) أي أنه لا يهدأ في جهة معينة، وذلك لأن عمل الطراب كان كذلك فالحمير التي تحمل التراب تنتقل من مكان لآخر .
*المسحّر*
ورغم أن المهنة معروفة، وهناك من يعمل بها إلى هذا الوقت، ولكن لا أحد من الناس يعتمد عليها فعليا كالسابق، ذلك لأن مهنة المسحر هي مهنة فعليا لإيقاظ الناس عند وقت السحور في شهر رمضان، وكان الناس لا يستيقظون إلا عند مرور المسحر لعدم وجود منبهات وساعات وهواتف لإيقاظهم، وكان المسحر يمر بالبيوت في الأحياء وينادي بجمل جميلة وينادي على أسماء أصحاب المنازل حتى يسمعوه بشكل جيد لينهضوا و يحضروا السحور، وكان يحمل سلة صغيرة حتى يقوم الأهالي بوضع الطعام فيها مما لذ وطاب وذلك شكرا للمسحر الذي يقضي ليلة وهو يوقظ الناس للسحور .
*الأمّيمي*
وهو عمل مضن وشاق، والأمّيمي هو المسؤول عن إشعال بيت النار في حمامات دمشق القديمة، وكان عمله يتم بجلب الحطب وروث الحيوانات ( الزبل ) لمكان خاص يتم فيه العمل لساعات طويلة، وكان حمام السوق يعتمد بشكل تام على وضع الأمّيمي الوقود لببت النار، فإن تم السهو أو تجاهل وضع الوقود أصبح الماء باردا، فيبادر الناس بإبلاغ صاحب الحمام ليقوم بدوره وإبلاغ الأميمي بالإسراع والعمل بشكل جيد، وفي يومنا هذه تعتبر مهنة الأميمي نادرة جدا لتواجد الحمامات في كل المنازل و اقتصار عمل حمام السوق على السياح والقليل من الناس على عكس العصور السابقة والتي كانت تعتمد بالفعل على حمامات السوق كما يمسيها أهالي دمشق .