لطالما امتازت دمشق بفن عمارتها المميز، كيف لا و هي أقدم عاصمة مأهولة في العالم، من هنا برزت فنون البناء الدمشقي العريقة و ظهرت فنون و مهن لا توجد إلا في هذه المدينة، كاستخدام الخط العربي في البناء و الفيسفساء في تحميل السيباطات والبحرات والنوافير التي تتوسط منازل دمشق القديمة و منها مهنة المشقفاتي أو صانع البحرات و النوافير التي تعتمد على الزخرفة الرخامية.
عائلة محسن .. عائلة دمشقية اضطرت للنزوح إلى الشمال السوري في رحلة التهجير القسرية و جلبت معها مهنتها المميزة المشقفاتي و التي تعتبر مهنة صعبة ورثوها أب عن جد، تتألف من مراحل متعددة و طويلة وصولاً لشكل البحرة أو النافورة النهائي.
التقينا مع أحمد محسن و حدثنا عن نزوحهم من دمشق و تفكيرهم بمتابعة مهنتهم في إدلب فقال ” لقد هُجرنا عن دمشق في عام ٢٠١٧ في رحلة من الألم و المعاناة شي صعب جدا أن تفقد بيتك وحارتك و كل حلامك لكننا قررنا المتابعة بنفس المهنة وقبول التحدي من جديد ” .
بعد انطلاق العمل و إفتتاح الورشة، بدأ الأهالي و الزبائن في إدلب بتجديد هذه الحرفة، و بدأت طلبات العمل لا تتوقف على ورشة عائلة محسن في مدينة إدلب فالمطاعم و المزارع و المنازل العربية أصبحوا الزبائن الدائمين للدمشقيين المبدعيين في إدلب .
التقينا مع عبد الرحيم محسن ابن أخ أحمد محسن، و سألناه عن مراحل صناعة البحرة الدمشقية المشهورة فأجاب ” نبدأ بتقطيع الحجر حسب المقاسات ثم نبدأ بتركيب القطع و زخرفتها و تصميغها وصولا للمرحلة الأخيرة وهي التلميع و التبيض “.
الورشة الكائنة في المنطقة الصناعية في إدلب تتألف من العديد من الأقسام من قسم القص و قسم التجميع وقسم التلميع و أخيرا العرض، و فيها عدد من العمال أغلبهم مهجرين من دمشق و ريفها يجمعهم حبهم لهذه المهنة، التي تنقل أسلوب بناء و عراقة مدينة دمشق الغارقة في القدم، و منهم أبو محمد الدمشقي أحد العاملين في قسم اللوحات الرخامية
قال لنا ” أنا أقوم بزخرفة اللوحات الكبيرة التي تمثل جمال العمارة و البناء في دمشق مثل السيباطات و الأعمدة الرخامية وهو فن لا يوجد إلا في دمشق “.
يبقى البعد الحقيقي لهكذا نشاط هو نقل الموروث الثقافي و تعزيز عملية الدمج المجتمعي بين كافة شرائح الشعب السوري.
بقلم ضياء عسود