تحولت الكثير من العائلات في ريف إدلب وحماة لمهنة الصيد في مياه نهر العاصي مع ما يتهددهم من مخاطر بعد سنوات من الحرب دون مصدر دخل يخفف عنهم كلف المعيشة وارتفاع أسعار المواد.
بسبب القصف هروب الأهالي من مناطقهم ساهم بتضخم الثروة السمكية بالعاصي
زادت أعداد الأسماك بشكل ملحوظ في مياه نهر العاصي مع بداية الحملة العسكرية على قرى سهل الغاب ومدينة جسر الشغور في العام ٢٠١٢ – ٢٠١٣ بعد تخلي الأهالي عن مهنة الصيد بسبب الأوضاع الأمنية والتوترات والحواجز والكمائن التي كانت تترصدهم كون المنطقة تقع على طريق أرتال قوات النظام التي تتجه من جورين إلى عمق إدلب قاطعة مسافات طويلة على سرير النهر.
وبعد انقطاع الأهالي عن منازلهم وهجر المنطقة لأكثر من أربع سنوات من العام ٢٠١٤ بعد الحملة, ازدهرت الثروة السمكية في النهر بشكل غير مسبوق وصل لحد مشاهدة جموع الأسماك في محاصيل الأهالي التي تطوف بالمياه قرب مجاري التصريف وثقها مراسلنا في قليدين قبل أكثر من عامين.
قاصدين النهر من مسافات بعيدة للصيد
تحول الكثير من مدينة جسر الشغور والقرى المحيطة وقرى سهل الغاب إلى مهنة الصيد ومزارع الأسماك قبل الحرب يومياً قاطعين البعض منهم المسافات للصيد على طول سرير النهر الخارجة عن سيطرة النظام من القرقور وصولا إلى تخوم سيطرة النظام في الحاكورة على أمل كسب عدة كيلو غرامات من الأسماك المتنوعة وبيعها بالأسواق لإطعام أسرهم وتلبية حاجاتهم.
بينهم محدثنا أبو حمزة من سهل الغاب الذي يقصد كل يومين على دراجته النارية برفقة أصدقائه وقريبه محمد مجاز لغة عربية من مكان نزوحهم في بلدة عين السودة سد القرقور أقصى ريف حماة الشمالي الغربي قاطعا أكثر من ٢٠ كيلو مترا للصيد بسنارته من ساعات الصباح حتى المساء كي يتمكن من تأمين قوت أطفاله وزوجته وفي كثير من الأحيان يقول لا يسعفه الحظ ويعود خالي اليدين وأحيانا أخرى يتمكن من صيد ٢ كيلو أو ٤ وأحيانا ٥ كغ من السلور وسمك الكرب والمشط والكرسين.
يقول فجر رموض من قرية الحمرا ممن التقيتهم على بسطته لبيع الأسماك قبل عدة أيام بأحد الأسواق بأنه يتكبد عناء كبيرا خلال رحلة الصيد في مياه نهر العاصي متحملا البرد والجوع, إلا أنه يضيف بأن الكثير من العائلات والأشخاص الذين يتجمعون يقفون عاجزين عن شراء صيده بسبب الفقر وانعدام مصدر دخلهم, لذلك يضطر أحيانا للوقوف طوال النهار لبيع ١٠ كيلو غرامات من السلور الذي يصل سعره ٢٣ ليرة تركي للكيلو و٩ ليرات سعر كيلو سمك المشط.
ومثله خالد, ح صاحب السيرة بمهنة صيد الأسماك منذ أكثر من عشرين عاما كان يتردد من مكان نزوحه في مخيمات دير حسان إلى مسقط رأسه في سهل الغاب علّه يتمكن من صيد وفير يخفف عنه كلف المعيشة في مكان نزوحه بالمخيم وهو أب ل٧ أطفال وزوجتين قبل أن تتمكن قوات النظام من طرد سكان المنطقة بالعام ٢٠١٩ منهم شقيقه الذي كان يقيم عنده أثناء المهمة, موضحا أنه بات عاجزا عن متابعة المهنة بسبب مصروف البنزين وأنه ربما لا يحظى بالصيد ناهيك عن مخاطر صواريخ النظام التي تتساقط.
انحسار مساحة الصيد بعد الإقبال الكبير على المهنة
ومع ما تشكله المهنة من مصدر رزق كان يدر دخلا لابأس به اعتبر أبو عبدو وهو ممن سكن في قرية زيزون الجديدة في وقت سابق بعد فراره من منزله بأنه لم تعد لديه الرغبة للعيش بالمنطقة بسبب تزاحم الهواة على مهنة صيد الأسماك في بضعة كيلو مترات لا تتعدى أكثر من ١٣ كيلو مترا على امتداد السرير الخاضع للمعارضة مبينا بدأ مؤخراً العشرات من أصحاب قوارب الصيادين ورمي الشباك وسنارات الصيد يتهافتون على المصلحة بعد انقطاع مصدر رزقهم ناهيك عن مخاطر الطائرات المسيرة التي تحلق في أجواء المنطقة وتستهدف أي شيء كان من ضمنها قبل عام في مثل هذه الأيام مقتل أحد الصيادين من بلدة بليون وإصابة آخر بصواريخ طائرة انتحارية على العاصي قرب بلدة خربة الناقوس.
تقرير خبري/ نضال بيطار
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع