اندلعت شرارة الحراك الثوري السلمي في 15 آذار عام 2011 على أيدي وأنامل أطفال درعا ليعلنوا للعالم أن الثورة لا تصنع من قوة زنود الرجال فحسب بل بأنامل الأطفال خرجت ثورة الشعب السوري من حوران جنوب سوريا, لتهز العالم بأسره فهي ليست كسابقاتها من الثورات العربية فهي متشابهة بالاسم ومختلفة بالمضمون .
بدأ النظام بتقطيع الأصابع واقتلاع الأظافر من أيادي الأطفال في درعا, والتمثيل بالجثث في مقرات الأمن والشبيحة, ظناً منهم أن أطفاء النار بقتل أهل درعا, الأحرار لكن الحقيقة أراد الله لهذه الشرارة أن تشعل المحافظات السورية وتنقل الشعب السوري من العبودية إلى الحرية وكم الفرق شاسع بين الحالتين .
هبّت كل المحافظات لمساندة أطفال درعا في طريق نيل الحرية, لم يدري أهل سوريا أن أنظمة مبارك وبن علي وعلي عبدالله صالح, مختلفة تماماً عن نظام الأسد الذي لعب على وتر الطائفية, فربح إيران وحزب الله وميليشيات العراق وحكومتها ولعب على وتر النفط فربح أمريكا وفرنسا ولعب على وتر أحقية الأكراد بدولة مستقلة ليبعد تأثير تركيا وإلهاؤها شمال سوريا, ولعب على وتر الاستثمارات وبناء القواعد فربح روسيا, وكانت له أما وأختاً, ولعب على وتر الإرهاب ومحاربته وهو من يصنعه ويصدره لكن المعارضين له لعبوا على وتر آخر, لا يصدر صوت دندنة ولا يطرب أحد من الدول الخارجية وسط زحمة وتعدد الآراء واختلافها مما أبعد الدول الغربية التي سميت بأصدقاء الشعب السوري عن دعم الثورة لتحقيق أهدافها بل استمروا بدعمها لأهداف لهم .
أنهى النظام وجود الثوار في الغوطة الشرقية التي كانت تعد اكبر معقل لهم يهدد وجوده وأكمل المشوار الى جنوب دمشق والى القلمون وكان الصغير والكبير يناشد الثوار هبوا قبل أن يأتيكم الدور ففصائل درعا تتجهز وفصائل القنيطرة تتحمس وفصائل إدلب وحماة واللاذقية تتأهب والنظام يتنفس بعد سيطرته على المناطق واحدة تلو الأخرى وينادي المنادي يا ثوار درعا, يا ثوار حماة, يا ثوار إدلب, واللاذقية وحلب وحمص, يا ثوار دمشق, انقذوا القلمون لم يلبوا النداء, يا ثوار إدلب انقذوا الغوطة لكن لم يجب أحد .
عرف وعلم وتيقن وأدرك و تأكد النظام, أن فصائل الثورة لن تهبَّ في نجدة بعضها فربح في الغوطة وبقية المناطق وقبلها ربح في حلب الشرقية بعد أن دمرهما, وتابع السير باتجاه درعا واقنعت الفصائل بعضها, بأن الجنوب السوري يخضع لحماية أمريكية ويدرج ضمن مناطق خفض التصعيد وعندما نهض الجميع من النوم في الصباح, وإذا بجنازير الدبابات وهدير الطائرات وأزيز الرصاص ودوي المدافع, يعمّ حوران دون نصرة من أحد .
هبّت درعا في وجه النظام, مطلع الثورة لوحدها, لتساندها أختها حمص وتوالت المدن واحدة تلو الأخرى, لتقف في وجه النظام لكن اليوم عاد الموت إلى درعا فمن يساعد درعا ومن سيفتح جبهات الساحل وحماة وإدلب, فلو عمل العسكريون بنصيحة مؤسس الجيش الحر رياض الأسعد, في حثهم على فتح الجبهات وتشتيت قوات النظام وطائراته لانتصر الثوار في درعا, وأوقفوا حملته العسكرية, بل وليهاجموه في وكره .
تاريخياً, كانت درعا عاصمة إقليم حوران, ففي العصر البيزنطي عمل أنستاسيوس الأول في عام 506 م , على تحصينها من الغزو الفارسي وها نحن اليوم, كيف نحصن درعا, هل نبني حولها سوراً اسمنتي, بالطبع لا, بل يجب على ثوار إدلب وحماة, فتح جبهات القتال غداً أو بعد غد, فالعدة موجودة والصواريخ متوفرة وذخيرة الكلاشنكوف تباع بـ 40 ليرة, ومتوفرة بكثرة, يصيح المدنيون في درعا صمتكم يقتلنا .
يقول المدنيون في سوريا, عذراً يا إمامنا النووي, فنظام الأسد في مدينة نوى, وعذراً شاعرنا أبو تمام, فالإيرانيون في مدينة جاسم يسرحون ويلطمون .
المركز الصحفي السوري — خاطر محمود