“حسن قنطار” شاعر وكاتب سوريّ في العقد الرابع من عمره، من بلدة قسطون في ريف حماه، لم توقفه رحلات النزوح والتهجير والعيش تحت ظلّ خيمة تتمايل جدرانها مع نسمات الهواء، عن الإبداع والإصرار في إكمال دربه في طريق النّجاح.
“اعتقلت أربع مرّات ولكنّ اعتقالي كان محفوفاً بلطف اللّه” يقول ” قنطار ” ويطلق بعدها عبرات من ذاكرته التي أعادته للوراء، إلى زمان ربّما لا يحبّذ القنطار استذكاره.
أجبرت الحرب بما فيها من عبث وضياع في طرفي النّزاع، والقصف العشوائي الذي طال بيوت المدنيين ليقتل الأبرياء في قرية القنطار على خروجه من قريته عام 2013، تاركاً خلفه ذكريات مع كلّ زاوية من زوايا القرية مهما كانت قليلة التّفاصيل فيقول القنطار: “تعرّضت قريتي لقصف كثير، بيوت هدّمت وأناس قتلوا أمام أعيننا، وخروجي من سوريا كان نتيجة العبث الذي نعيشه بين تسلق نظام فاجر فاسد وبين عشوائية ثورة استغلتها أيادٍ كثيرة وفق مصالحها”.
عاش ” قنطار ” كغيره من المهجّرين، في خيمة قد لا تقيه حرّ صيف ولا برد شتاء، لكنّها لم تحل بين قنطار وبين إبداعاته التي لا تعرف حدوداً ولا توقفها عبثية الأحداث ليبدع بكتابة ديوانه الشعري تحت ظلّ الخيمة ليمزج اسمه بالخيمة التي ألهمته لكتابته تحت عنوان “من وحي الخيام” عن دار ببلومونيا في مصر.
يقول في إحدى قصائده في ديوانه من “وحي الخيام”:
هنا في أرض غربتنا هنا في بيتنا الثاني
هنا أعمارنا اعتكفت هنا التاريخ أقصاني
هنا الدنيا بأجمعها تقدّ قميص إحساني
هنا لي خيمةٌ رقصت على أوتار أحزاني
هنا التشريد معتقدي وتيه البين أطراني
هنا همٌّ يؤرّقني وحِملُ البعد أقواني
هنا بوحٌ سأفرغه وإن ضيّعت عنواني
هنا إفكٌ يدغدغني وزيف الثغر أغراني
هنا جسم يعانقني وقلبٌ يرجو حرماني
هنا أيدٍ تصافحني وسكّينٌ بأحضاني
هنا الإنسيّ كابوسٌ ووحشٌ ماله ثانِ
هنا الشيطان ذو دعة هنا خلٌّ بشيطانِ
هنا كشفتْ مآسينا الإنس والجان
لم تقف إبداعات القنطار عند هذا الحد، ليصدر بعدها “رمليات ليست هاربة، وبنات الشيطان، ووشاية قلم” عن دار ديوان العرب في مصر ولا يزال غيرها قيد التدقيق كمجموعة “لك أن تريد” والتي ستنشر في المستقبل القريب.
يعمل القنطار مدرساً في إحدى المدارس التركية في ولاية شانلي أورفا ويكمل دراسة الماستر في اللغة العربية، هو عضو في الجمعية السورية للثقافة والأدب، وعضو في تجمع الأدباء والمثقفين السوريين.
نشر ” قنطار ” العديد من المقالات والأعمال الأدبية من قصائد ونصوص في عدّة مجلاّت العربية الإلكترونية والمطبوعة في تركيا.
لم توقف حياة الهجرة واللجوء القنطار عن الاستمرار في البحث والتعلم، فحصل على شهادات عديدة كشهادة مدرب محترف TOT من أكاديمية بريستول الدولية، وشهادة إدارة صفية وشهادة التعلم النشط بتقنيات أبحاث الدماغ وشهادات في دورات التنمية البشرية والعمل الجماعي وأسس التغيير الفعال.
وعند سؤاله عن توقعاته للمستقبل يقول قنطار “المستقبل غامض يا صديقي، لأن اللعبة باتت ليست لعبتنا واليد ليست يدنا، فمستقبلنا غير معلوم، لكنني أستبشر بالله خيراً”.
يثبت القنطار كغيره من السوريين في بلاد اللجوء أنّ همّة السوريين أقوى وأكثر عزماً من أيّ ظرف وأيّ معاناة، فيستطيعون خلق الإبداع من رحم تلك المعاناة.
بقلم : محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع