يطرح موضوع قطع الطريق الدولي المعروف بـ m4 ، بعد بدء تنفيذ الاتفاق التركي الروسي الأخير وخاصة تسيير الدورات المشتركة على الطريق، العديد من الأسئلة والتي تتمحور حول من يقود الثورة في الداخل؟ ومن يحكم إدلب؟ ومن يحدد مصلحة الناس والثورة؟ ضمن الواقع الحالي ومن ينسق مع الجانب التركي.
في الفترة الأخيرة استطاعت الميليشيات التابعة للنظام بغطاء جوي روسي كبير, وباستخدام أسلوب الأرض المحروقة اجتياح المناطق المحررة والسيطرة على كامل الطريق الدولي m5 والمناطق المحيطة به في ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي، وكانت رغبتهم وخططهم واضحة بالاجتياح الكامل لمحافظة إدلب وصولاً إلى الحدود السورية التركية, ونتيجة لذلك تدخل الجيش التركي بشكل مباشر و أوقف تقدم الميليشيات من خلال إقامة قواعد عسكرية كبيرة على خطوط التماس، ثم توجيه ضربات عسكرية موجعة للميليشيات ومطالبتها بالانسحاب إلى خلف النقاط التركية، حسب اتفاق سوتشي، ثم حصل اتفاق وتفاهمات بين تركيا وروسيا في قمة جمعت الرئيسين أردوغان وبوتين في موسكو, في الخامس من الشهر الجاري.
حيث تبدأ هذه التفاهمات بوقف كامل لإطلاق النار وهدنة مؤقتة، بهدف القيام بمفاوضات ميدانية تفصيلية تهدف لتثبيت اتفاق سوتشي، وإضافة ملحق للاتفاق وهو فتح طريق m4 كممر أمن للمرور المدني والتجاري والبدء بتسيير دوريات مشتركة تركية روسية على الطريق، ولم يتم الحديث عن موضوع انسحاب الميليشيات الى خلف النقاط التركية، ولا عن مصير النقاط التركية، ضمن غموض يعتلي المسائل الجوهرية للمفاوضات، مع إيحاءات بوضع الحلول ضمن جداول زمنية متلاحقة، وتم تحديد الخامس عشر من الشهر الجاري لبداية الدوريات المشتركة.
بدأت مجموعات متعددة من عدة أيام بمحاولة قطع الطريق بين سراقب وأريحا، وقامت بعرقلة تنفيذ الدوريات المشتركة حيث تأخذ الأمور شكلين منفصلين من حيث المنفذين لموضوع قطع الطريق.
- مجموعات من المدنيين يرفعون أعلام الثورة وينفذون ما يشبه المظاهرات والاعتصام السلمي على الطريق الواصل بين سراقب وأريحا، ويرفضون فتح الطريق أمام الدوريات الروسية ويطالبون بعودة النازحين على الحدود السورية التركية إلى مناطقهم التي احتلتها الميليشيات التابعة للنظام بقيادة وتغطية جوية روسية بعد اتفاق سوتشي 2018.
- بعض المجموعات التي استغلت خروج المظاهرات السلمية والتي تعلن رفضها لمرور الدوريات التركية الروسية وتتوعد باستهدافها في حال مرورها.
وأيضا بالمقابل أظهرت فعاليات ثورية رفضها لقطع الطريق بأي شكل، وذلك لعدم عرقلة الجهود التركية الهادفة للوصول إلى حل سلمي يؤدي إلى عودة المدنيين إلى مناطقهم، مع تأكديها على استمرار المظاهرات السلمية المطالبة بانسحاب النظام الى خلف النقاط التركية.
في كافة الأحوال وبغض النظر عن وضع وطبيعة الاتفاق التركي الروسي الأخير وبنوده الظاهرة والغامضة
الواضح أن المشكلة الأساسية في الشمال السوري وخاصة إدلب هي غياب قيادة سياسية ومدنية وعسكرية قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة، واتخاذ قرارات ملزمة تتناسب مع الواقع الميداني، وقادرة على التنسيق الإيجابي الكامل مع تركيا، فما يحصل على طريق m4 من فوضى مدنية وعسكرية تعبر عن الواقع العام في كامل إدلب فمن الذي يحدد نتائج الأفعال إن كانت سلباً أو إيجاباً.
فالتدخل التركي العسكري الذي أوقف تقدم الميليشيات (مؤقتا) هو بالأساس لإيجاد طرق سياسية وسلمية مع الجانب الروسي، لضمان تثبيت اتفاق سوتشي، وعدم الاجتياح ووقف القصف وإعادة النازحين إلى مناطقهم، كما تصرح القيادة التركية بشكل دائم.
وفي ظل الوجود والدعم العسكري الروسي للنظام وميليشياته فطبيعة عمل تركيا عسكرياً وسياسياً هو أمر بالغ التعقيد والصعوبة لتحاشي أي صدام عسكري مع روسيا.
ما تركز عليه تركيا في المفاوضات المستمرة مع روسيا هو إبعاد النظام الى خلف النقاط التركية، وضمان أمن الشمال المحرر، وتحاول تحييد روسيا ومنع الذرائع والحجج المتعلقة بالطرقات الدولية والقدرة على تأمينها، وإن كان للاتفاق أن ينتهي فليكن بسبب النظام وليس بسبب أخر، وموافقة تركيا على فتح طريق m4 هو ضمن هذا السياق وصولاً لاستكمال باقي التفاهمات، وهذا عكس ما يريده النظام من تخريب الاتفاقات من طرف المناطق المحررة، وهو حاليا ملتزم بالهدنة بشكل كامل.
لذلك يجب على الثوار في المناطق المحررة وخاصة ضمن هذه المرحلة الفارقة والحساسة جداً توحيد القرار العسكري في غرفة عمليات عسكرية شاملة، وتوحيد القرار السياسي والمدني، ضمن مجلس سياسي مدني موحد، لضبط الوضع الداخلي للمناطق المحررة، وإيجاد صيغة تفاهم وتنسيق عسكرية ومدنية وسياسية مباشرة مع الحليف التركي، بهدف توحيد العمل ضمن الأهداف المشتركة.
المركز الصحفي السوري / حسان رحال