ما بين مكان استشهاده قبل يومين “الأحد” ومكان إقامة أخته المعاقة “عبير” ابنة السنوات العشر بضعة حواجز ودبابات لاغير.
بين خان العسل في ريف حلب التي لمت جسده البارحة بعد أن فارق الحياة بطلقة قناص صبت غلها في رأسه وبين حي “الوعر” الحمصي المحاصر حيث تقيم “عبير” مع والدته فاطمة ثلاث سنوات من الاشتياق والحنين.
اشتياق شاب فارق الحياة بعيدا عن الرحم الذي أخرجه إليها، وبعيدا عمن شاركوه السكنى في رحم أمه فاطمة.
“جمال محمود كرزون” الشهيد الذي خسر النزال في معركة القصير أمام آلة ميليشيات “حزب الله” الغاشمة، وتخاذل العالم عن نصرة الثورة السورية كما كان يقول، لم تثنه خسارته عن أن يتابع رسالته في أي جبهة من جبهات بلده المحتل في الدفاع ضد من احتلوا قريته البويضة الشرقية في شهر حزيران عام2013 ، متابعة بدا أنها ستكلفه الكثير من الحرمان من رؤية عائلته المحاصرة في حي الوعر.
جمال يعرف تماماً ما معنى أن تموت بعيدا، وخبر ذلك بمرارة بعد وفاة والده محمود كرزون (55 عماً) من جراء سقوط قذيفة على حي الوعر حيث كان يسكن هو ووالدته والأخت الصغرى عبير في صيف عام 2014.
مات أبوه بصمت يومها ، لم يحضر جنازته، واكتفى بصلاة الغائب على رحيل والده، كما قال زملاءه في أرض المعركة.
جمال إبن 21 ربيعا كان يقول دائما بأنه خرج في الثورة لكي يحلم، يحلم بكل حريته بدون أن يكون حلمه بحاجة لمرسوم جمهوري، وقرار وزاري، يحدد له ماذا يحلم، ومتى يحلم.
للشهيد جمال 4 أخوات بنات هن “تغريد، سمر، ريم، عبير” لكن حب الأخت الصغرى عبير هو ما استحوذ على قلبه ليخصها بوصيته ، وصية لم يتكمن من كتابتها، وصية يدعو فيها لأخته عبير بالشفاء العاجل، لكي تظل إلى جانب والدته فاطمة، تخدمها وترعاها وتعوضها عن ما فاته من شرف في خدمتها..
يقول جمال
“لا تحزني علي عبير، ستزوريني يوما هنا على قبري، وتحضرين أمي الغالية معك، قبري الذي سيدلكم عليه أخي عدنان.. عدنان الذي يقاتل معي جنبا إلى جنب ، منذ خرجنا من بلدتنا القصير..
أحبك أختي….. الغالية عبير
أحبك… أمي….”.
بعد استشهاد جمال في خان العسل حمل عنه البندقية أخوه عدنان محمود كرزون وهو من المشاركين الآن في ملحمة تحرير حلب.
المصدر : زمان الوصل