تزداد حالات التخلص من الأطفال حديثي الولادة في الشمال السوري، بسبب الأوضاع السيئة التي تعيشها البلاد من غلاء وفقر، إضافة إلى المصاريف العالية للأطفال الجدد، وقلة الوعي وانتشار ظاهرة الزواج المبكر.
في حين تعتبر ظاهرة رمي الرضع جديدة على مجتمع سوريا، نتيجة الحرب وما تسببت به من تدني المستوى المعيشي والاقتصادي والوعي الأسري وانتشار زواج القاصرات.
“سمعت صوت طفل صغير عم يبكي جنب البيت بشكل مستمر” يقول الشاب الثلاثيني الملقب بأبي ناصر من قرية معرشورين التابعة لريف معرة النعمان في صيف عام 2017، وكان أبو ناصر قد أثاره الفضول لمعرفة مصدر الصوت فمشى بضع خطوات وتفاجأ بوجود طفل رضيع ملفوفاً بقطعة قماش وبجانبه حقيبة ثيابه “وقت شفت الطفل مابعرف اتملكني شعور غريب دغري حملت الولد وأخدتو لعند زوجتي” موضحاً بأنه لم يرزق بأطفال على الرغم من مُضي 6 سنوات على زواجه.
التفكير لمعرفة السبب وراء رمي طفل رضيع لأمر خطير يطول شرحه خاصة أن القانون والشرع لا يجيزُ ضمه إلى العائلة الكافلة، يضم أبو ناصر الطفل الذي أسماه ناصر بين يديه ويقبله من جبينه ومعاني الفرح تشرحها نظرات عينيه الزرقاوين ويتابع حديثه بكلمات متقطعة “ناصر بعتبرو ابني ومابتخيل يبعد عنا وبالأخص إنو زوجتي كتير متعلقة فيه وفرحتا بوجودو مابتنوصف”
مؤكداً بأن رمي الأطفال مؤشر خطير على حالة اليأس التي وصل إليها البعض من الحصول على واقع أفضل لأطفالهم حتى قرروا رميهم، ولكن ليس كل الأطفال يحالفهم الحظ بأن يجدوا من يكفلهم وربما يفارقوا الحياة بسبب رميهم في أماكن لا يلاحظ الناس وجودهم فيها، كحاويات القمامة أو بجانب الطرقات أو في الحقول بين الأشجار.
“طلبت من أختي رضاعة ناصر وزوجتي كمان طلبت من أختها رضاعتو” حتى يكون وجوده ضمن عائلتي مشروعاً ويشعر بالراحة وغير مرفوض عندما يكبر من قبل المجتمع.. بهذه الكلمات تحدث أبو ناصر بابتسامة علت وجهه.
فالموضوع أكبر مما تتخيله العقول هو مشاعر مرهفة لا توصف وروح طفل بريء نثرت فرحة جميلة في أرجاء المنزل.
ولكن ترك الأطفال إلى مصيرهم المجهول في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، إنما يشير إلى كارثة إنسانية واجتماعية يضيع فيها نسب هؤلاء الأطفال ويعتبر جريمة في حقهم.
وتعتبر ظاهرة الأطفال اللقطاء جديدة في سوريا، نتيجة ظروف الحرب التي تعيشها البلاد ورغم رفض وتجريم هذه الظاهرة إلا أنها تنتشر وتتزايد متسببةً باعتلالات نفسية للطفل اللقيط، مما يؤدي إلى جعل الأطفال عرضة للتحرش الجنسي والانحراف.
ويقول أبو ناصر مُعبراً عن مدى تعلقه بالطفل ناصر “رح اعمل كل شي بقدر عليه لحتى أمن حياة سعيدة ومريحة ل ناصر” موضحاً أهمية وجود الجو الأسري السليم لمثل هؤلاء الأطفال في بلد مزقته الحرب وشتت أهله.
في حين ارتفعت وتيرة التخلي عن الأطفال الرضع في الشمال السوري حيث يتم العثور على 3 أو 4 أطفال شهرياً، ففي مدينة أرمناز عثر الأهالي على طفلة مرمية على أحد الأرصفة في تشرين الأول عام 2020 كما عثر آخرون على طفل رضيع في بلدة سجو شمال محافظة حلب، وغيرهم الكثير تم تركهم على قارعة الطريق أو على أبواب المنازل أو المساجد…
هي حرب أنشأت جيلاً جديداً عانى من الحرب وزادت معاناته بتخلي أهلهم عنهم.
قصة خبرية/خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع