تحت وطأة التهجير والنزوح إلى بلاد المهجر “تركيا” ُيجبر الكثير من اللاجئين إلى التفكير في الهجرة مرة أخرى إلى الدول الأوربية حيث الاستقرار المادي وحياة أكثر أماناً.
من بين المهجرين إلى تركيا المُهجرة “سلوى” امرأة في العقد الرابع من العمر من ريف حماة الشمالي تقطن مدينة الريحانية، أمّ لخمسة أطفال أجبرتها الظروف على العيش مع أقرباء زوجها في بيت واحد ومع مضي الأيام كثُرت المشاكل وتثاقلت الهموم وازدادت الأمور المادية والعائلية تعقيداً.
تحدثت سلوى بصوت مرتعش مبحوح وعينين زرقاوين واسعتين “كنت أم لأربع بنات وعطول بيت عمي يعايروني بأم البنات و إنهون رح يزوجو زوجي” ثم صمتت لبرهة وهي تضم أطفالها بقوة وتجهش بالبكاء.
تنظر سلوى إلى أطفالها بحزن شديد فهي تتحمل الشتائم والإهانة وفي بعض الأحيان الضرب من قبل زوجها بسبب تحريض أهله عليها لتتابع حديثها فتقول “الله رزقني ابني سعد ومع هيك ضل زوجي يضربني وأهلو يحرضوه عليي وأنا ماعاد أقدر أتحمل”.
عبّرت سلوى بهذه الكلمات عن مدى معاناتها وآلامها التي تعيشها وعن هم يثقل كاهلها ويحمل في طياته كل معاني الحب والحنان لأطفالها وتَحَمُلّها القهر والضرب لأجلهم، لتتابع الحديث مستذكرة تفاصيل حياتها “صار عمر سعد ٦ أشهر وبعد ماضربني زوجي وأهلو قرروا يخطبولو، قررت أترك البيت وأول ماخطرلي السفر قررت سافر ع أوربا بدون ماخبر حدا حتى أهلي”.
تؤكد سلوى بأن قرارها جاء من خضمّ المعاناة و الآلام التي ضاقت بها ذرعاً ولم تعد قادرة على تحملها واستمرارها بهذا الوضع “أجبرتني الظروف اني اترك ولادي قطعة من روحي وآخد مصاري واتدين فوقون لحتى أخلص من وضعي على أمل اني أوصل أوربا وأعمل لم شمل لولادي”.
بعد اختفاء سلوى قرابة الشهر ونصف الشهر، قمت راسلتها وسألتها عن وضعها وحال أمورها بعد معرفتي بوصولها إلى اليونان لترد عليي برسالة “إلي نص شهر باليونان وكتير اتعذبت لوصلت بس مو متندمة عهالخطوة إلى قمت فيها”.
سردت لي سلوى مصاعب السفر والليالي الباردة والجوع إلى غير ذلك من المتاعب التي واجهتها في رحلتها إلى اليونان ولكنها مُصّرة على المُضي في رحلتها وصولاً إلى أوربا.
أثار غياب سلوى عن المنزل وفقدان زوجها وأطفالها لها القلق في نفوسهم والندم الشديد من قبل زوجها على تصرفاته معها وسوء معاملتها فهو يتمنى أن تعود ليعتذر لها ويُبدي أسفه على ما بَدر منه نحوها وبدأ بلوم أهله على تحريضه ضدها ومعاملتهم السيئة لها ولكن الأوان قد فات بعد أن غادرت سلوى تركيا ولم يعد له قيمة بالنسبة لها.
بعد أربعة أشهر وصلت سلوى ألمانيا في عام 2018 ثم بعد استقرارها بدأت بأوراق لم الشمل لأطفالها وزوجها بعد أن راسلها وأبدى ندمه واعتذاره لها وأنه سيكون الزوج الصالح كما عهدته قبل القدوم إلى تركيا.
اجتمعت سلوى بزوجها وأطفالها عام 2020 في ألمانيا بعد رحلة صعبة وشبه مستحيلة للوصول إلى أوربا ولكن إصرارها الذي ولِدَ من رحم معاناتها أوصلها إلى مبتغاها لترسل لي بعض الصور برفقتهم وهي تحتضن أطفالها بعد غياب طويل وشوق مرير تَوّجه لقاءٌ أسري مفعم بالشوق والمحبة.
قصة خبرية/خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع