غيّر تفجير الجسر الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا بوصلة الحرب، فاتجهت الدولة الروسية إلى سياستها المعروفة، والتي اتبعتها سابقا في سوريا، سياسة الارض المحروقة “البنى التحتية والمدنية والعسكرية” دون تمييز.
أهم التطورات بعد الجسر:
كثفت روسيا قصفها العشوائي، فأمطرت صباح العاشر من الشهر الجاري كييف بوابل من الصواريخ، وكما اتجهت أكثر إلى استهداف مصادر الطاقة في أوكرانيا، في محاولة لتضييق الخناق الشعبي على السياسة الأوكرانية، فقطعت الكهرباء عن العاصمة كييف اليوم، بعد سلسلة صواريخ روسية على محطات تحويل الطاقة الرئيسة في العاصمة، وكما شهد اليومان الأخيران لجوء روسيا إلى الطائرات المسيرة الانتحارية الإيرانية .
التصرف بحزم أو المواجهة في نزاع أكبر:
كتب “فلاديسلاف فلاسيوك” خبير عقوبات يعمل في مكتب الرئاسة الأوكراني، بأنه “يجب على الاتحاد الأوربي والناتو تقديم دعم أكبر وإلا هناك تصورات لاتساع رقعة الصراع”.
وفي قوله إشارة إلى التمويل الأوربي لأوكرانيا وإمدادها بالمضادات الجوية، والتحرك العسكري البيلاروسي على الحدود الجنوبية، بعد الاتفاق على تشكيل وحدة عسكرية بقيادة مشتركة بين موسكو وبيلاروسيا.
تضييق الخناق :
تتمثل إحدى الردود المحتملة في استبعاد روسيا من مجموعة العمل المالي (المعنية بغسيل الأموال) (FATF) ، وهي منظمة حكومية دولية تعمل كمراقب عالمي لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب, اليوم ، سيجتمع جميع أعضاء مجموعة العمل المالي والمنظمات المراقبة – بما في ذلك صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة والبنك الدولي والإنتربول ومجموعة إيغمونت لوحدات الاستخبارات المالية – في اجتماع عام في باريس، فأوكرانيا ستدعو مجموعة العمل المالي إلى الاعتراف بأن روسيا قد ارتكبت انتهاكات شاملة لمعاييرها ، ويجب استبعادها من المنظمة، مثل هذا القرار سيكون له عواقب وسيضغط على الكرملين لوقف حربه الحمقاء.
إن استبعاد روسيا من مجموعة العمل المالي (فاتف) سيرسل إشارة واضحة للشركات والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم مفادها أن روسيا لم تعد تُعتبر مركزًا ماليًا موثوقًا حيث ستتم حماية أموالها، و إدراج روسيا في القائمة السوداء يحد من قدرتها على التهرب من العقوبات، حيث تقوم الشركات الروسية بهيكلة المعاملات من خلال البنوك التي لم تخضع للعقوبات.
“فبعد إدراج إيران على القائمة السوداء من قبل مجموعة العمل المالي في عام 2020 ، تراجعت صادراتها من السلع والخدمات بنحو 30٪.”، في تقرير سابق عن واشنطن بوست.
فبهذا القرار يجب أن تدرك روسيا، أن المعنيين بالقرار ليست أوكرانيا فقط، وكلما زاد الردع الدولي وكان أكثر صرامة، كلما أجبرت روسيا على الاستسلام في حربها العدوانية.
حتى الجمعية العامة للأمم المتحدة – التي تعرضت لانتقادات كثيرة في السنوات الأخيرة بسبب الافتقار إلى النفوذ العالمي – صوتت بأغلبية ساحقة الأسبوع الماضي لإدانة “محاولة روسيا الضم غير القانوني” لأربع مقاطعات في أوكرانيا ، وأعلنت أن مطالبات موسكو الإقليمية “ليس لها شرعية بموجب القانون الدولي” . فقط روسيا وأربع دول أخرى – سوريا ونيكاراغوا وكوريا الشمالية وبيلاروسيا – صوتت ضد القرار ، بينما صوتت 143 دولة بنعم، يجب أن تدرك فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية أن القيادة الروسية لا تفهم سوى القوة، وإلا ستجر روسيا وعدم مواجهتها ماليا إلى حرب أكبر وربما عالمية.
سيناريوهات لفتيل الحرب الأكبر:
استفتاء ضم المناطق الأربعة، أعاد للأذهان تايوان والصين، الصين تناور في البحر وعلى الأرض، لمحاولة القضم والضم كحليفتها روسيا، والاحتجاجات الأهلية في إيران واتساع رقعة هذه الاحتجاجات.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/902611191129318
الحلف الصيني الروسي الإيراني وما يضم من مصالح تركية بين روسيا وإيران، وما تحمله هذه الدول من احتجاجات اجتماعية واقتصادية وعسكرية ربما تجر إلى كارثة الهروب إلى الأمام بالحروب الخارجية، التي سيكون العالم أجمع والغرب بالأخص بالغنى عنها مقابل الضغط الاقتصادي وتزويد أوكرانيا بالمضادات الجوية.
عادل الأحمد / تقرير سياسي