رحلةٌ يخطوها المئاتُ بشكل يومي، مئات السوريين عزموا أمرهم في الرحيل عن تلك البلاد التي ظلمتهم وحرمتهم من أبسط حقوقهم، وساروا نحو المجهول بعدما ضاقت بهم الأرض بما رحبت، فرحلة البحث عن السلام محفوفة بالمخاطر.
في أحد منازل مخيمات كفرلوسين يجلس العم أبو عبد الرزاق صحبة أولاده الثلاثة، جلسة يومية معتادة يرافقها حديث ومتابعة لآخر أخبار مواقع التواصل الاجتماعي والتي بدأها ابنه أحمد في خبر “مقتل رجل سوري في السعودية ذبحاً على حافة الطريق”.
هنا يقول أبو عبد الرزاق “الله أكبر، دماء السوريين باتت رخيصة في كل مكان، اللهم ارحمنا وفرج همومنا”، يكمل أحمد “ليس في السعودية وحسب، بل هناك عمال من درعا تعرضوا لاعتداءات في الكويت ليلاً، وتعرضوا للضرب”.
أخبار الاعتداءات على السوريين باتت شبه يومية، ومقاطع الفيديو المصورة تملأ مواقع التواصل الاجتماعي من تركيا وحتى حدود الدول الأوروبية، والسواحل التي غصت بجثث المهاجرين وكان آخرها في السواحل الإيطالية وبعدها التركية.
أبو عبد الرزاق يرفض فكرة الهجرة إلى أوروبا، رغم ضغوطات ولده الأكبر عبد الرزاق عليه ليهاجر، لكن منعه من ذلك ويقول “يا ولدي صحيح أننا نعيش في مخيمات لكنهم يريدون منا أن نخرج ونترك هذه الأرض، جميع رحلات اللجوء تلك هدفها تفريغ الأرض من ساكنيها وتوطين الإيرانيين فيها، ونحن خلقنا وسنموت على هذه الأرض”.
حلم سكان الشمال السوري بأن تركيا والدول الأخرى ستفتح لهم باب اللجوء، سيتمكنون من الخروج من تلك البقعة المحاصرين فيها إلى فسيح الأرض، لكن أحلامهم خابت عند معبر باب الهوى حيث قوبلوا بالقمع والضرب.
يقول “سامر” أحد مهجري ريف إدلب الجنوبي، “اجتمعنا بالمئات ظناً أننا سنقابل بعين رحمة، ويسمحون لنا ولقافلتنا المسير نحو أوروبا لتغيير حالنا والعيش عيشة كريمة، لكن آمالنا خابت وسنبقى في هذا الحصار ما حيينا”.
ويكمل سامر أن فكرة الخروج عبر طرق التهريب غير ممكنة بالنسبة للكثير من أهالي المنطقة، فعدا عن التكلفة الصعبة هناك مئات العقبات والحواجز التي تنتظر المهاجرين وتنتهي بمتاعب كبيرة على الحدود.
أما في تركيا يؤكد “عبد الله” أنه مع رفاقه سيذهبون مع قافلة يعدها شبان للمسير نحو أوروبا، ورغم أن الفكرة غير معقولة ولن يتم تطبيقها إلا أنهم يتمسكون بعود القش هرباً من الغرق.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/759196891867664
ويومياً بحسب عبد الله يهاجر عشرات الشبان نحو أوروبا، ويضيف “قوافل الهجرة مستمرة وبالمئات يومياً، ودعت من أصحابي الكثير ويومياً أجد فلان قد هاجر والآخر تبعه بعد يوم، ولعل أبرز أسباب تلك الهجرة هي العقبات التي نواجها من عمل وسفر وتكاليف وقوانين باتت شبه يومية تعيق تواجدنا في تركيا”.
ابراهيم الخطيب/قصة خبرية