لم تعلم السيدة (منيرة.م) أنّ مرورها بالقرب من حواجز النظام سيجر عليها ويلات لم تخطر ببالها أبداً، وهي التي التزمت الصمت منذ بداية الثورة السورية، غير أنّ ذلك المرورها سيغيّر حياتها كليّاً ويقلبها رأساً على عقب، وينقلها إلى حياةٍ جديدة لا تخلُ من العذاب.
منيرة ابنة محافظة درعا البالغة من العمر 28 عاماً, أم لطفلين لم يبلغ أكبرهما الست سنوات اعتقلت بتاريخ 18/9/2012، أثناء عودتها من المشفى الوطني بدرعا إلى منزلها في أحد أحياء درعا البلد، ليأخذها زبانية الأسد إلى فرع المخابرات الجوية بدمشق، لتبدأ معاناة منيرة الفعلية في ذلك الفرع.
وحوش بشرية
فرع المنطقة، أحد أقذر الفروع التي تديرها مخابرات الأسد، وصلت إليه منيرة في ذات اليوم الذي اعتقلت فيه، وبقيت فيه شهران تناوب خلالهما عدد من الوحوش البشرية على اغتصابها، لا لشيء إلا لأن الله أعطاها قدراً من الجمال أغرى أولئك الوحوش، أما الحجّة التي أوردوها لارتكاب جريمتهم أنّ أخاها أحد قادة الكتائب في الجيش الحر.
روت منيرة ظروف اعتقالها في ذلك الفرع لتؤكد أنّ أسعد أيامها في ذلك الفرع القذر تلك التي تكون فيها في دورتها الشهرية، حيث تبتعد عنها تلك الوحوش بانتظار أن تنتهي منها.
تقول منيرة:”كنت أدعو الله أن تطول فترة الدورة الشهرية حتى خروجي من ذلك الفرع؛ وعلى عكس كل النساء؛ كانت أيام الدورة هي الأفضل بالنسبة لي”.
مرّ الشهران على منيرة كأنهما وكما تقول قرنان من الزمان، لتُنقل بعدها إلى سجن عدرا المركزي الذي كان بمثابة جنة بالمقارنة مع فرع المنطقة، غير أنّه لم يخلُ من بعض المضايقات
وتضيف:”أثناء وجودي في سجن عدرا تعرضت للكثير من أنواع الإهانة، والشتائم، والقهر من الشرطيات المناوبات في السجن”.
حياةٌ بطعم الموت
خرجت منيرة من سجن عدرا ظنّاً منها أنها ستخرج للحياة من جديد، غير أنّها خرجت لتجد حياه قاسيه تشبه تلك الأيام في الأفرع الأمنيه بقساوتها، أيام تعجز عن حملها الجبال على حد قولها.
بعد خروجها من الاعتقال علمت أن زوجها طلقها، وأنّه يرفض أن تلتقي بطفليها، لكن مع وساطات كثيرة من أهل الخير رضخ لمطلبها, وأخذتهما ليعيشا معها في الأردن .
حاولت منيرة الانتحار عدّة مرّات؛ غير أنها كانت تفشل لأسباب عدّة، كما تقول شقيقتها.
تقول شقيقتها: “اقنعتها بأن تذهب إلى مركز لتأهيل المعتقلات السوريات، لوجود طبيب نفسي خبير بمثل هذه الحالات واستطاع تأهيل عدد من المعتقلات ,وساعدهن على العودة إلى حياتهن الطبيعية، وبعد أن اقتنعت منيرة بهذا الأمر باتت تذهب بشكل دوري لتلقي العلاج”.
اليوم تعيش منيرة في إحدى محافظات الأردن الشمالية مع طفليها، وبإنتظار أن تعود إلى منزلها في محافظة درعا، تعلمت الخياطة بأحد المراكز التعليمة التي تختص بحالات المعتقلات وزوجات الشهداء ، وهي الآن تعمل وتعيل طفليها علّها تقيهم ونفسها ذل السؤال , برفقة الكثير من النساء والبنات اللواتي تعرضن للاغتصاب على أيدي أزلام النظام وزبانيته.
تؤكد الاخصائيه النفسيه على أهمية الابتعاد عن لوم الضحيه على ماحدث معها ، وتؤكد على ضرورة مساهمة الأهالي والمجتمع في علاج الفتيات والنساء المعنفات ، وأن يؤمن المجتمع لهن بيئه آمنة تتوافر فيها وسائل العناية والرعاية الصحية والنفسية .
بقلم آلاء محمد