أعلنت قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة في شمال سوريا اليوم الأحد عن تشكيل مجلس مدني ليحكم محافظة دير الزور الغنية بالنفط في شرق سوريا حيث تتبارى مع الجيش السوري للسيطرة على أراض خاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية. بينما رفض اتحاد العشائر العربية والتركمانية في سوريا قيام دويلة كردية في وقت أكدت منظمة حقوقية أن التحالف الدولي في سوريا متحيّز لـ «ب ي د» الكردي المصنف إرهابياً في تركيا.
وأطلقت قوات سوريا الديمقراطية،التي تضم فصائل عربية ولكن تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية، عملية في محافظة دير الزور الواقعة على الحدود مع العراق في وقت سابق هذا الشهر وتمكنت من السيطرة على ريفها الشمالي وتقدمت إلى الشرق من نهر الفرات. وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية السبت على حقل غاز كبير في محافظة دير الزور من الدولة الإسلامية في تقدم سريع استبق الحكومة السورية التي كانت تتقدم أيضا في ذلك الاتجاه.
وفي هجوم منفصل هذا الشهر أيضا تمكن جيش النظام السوري وفصائل تدعمها إيران بدعم جوي روسي من كسر حصار فرضته الدولة الإسلامية منذ عام تقريبا على أجزاء خاضعة لسيطرة الحكومة من دير الزور على الجانب الآخر من نهر الفرات. وبالتقدم الذي أحرزه الجانبان ضد الدولة الإسلامية باتت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا على مقربة من القوات التابعة للحكومة السورية المدعومة من روسيا وإيران.
وفي وقت ما أثار هجوم الجيش السوري المدعوم من روسيا وهجوم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا المخاوف من اندلاع اشتباكات قد تذكي التوتر بين القوى العالمية المتنافسة. واختارت قوات سوريا الديمقراطية مئة شخصية من وجهاء وشيوخ العشائر للاجتماع وانتخاب مجلس لإدارة المحافظة أمس الأحد.
وقال المجلس في بيان ختامي إن الأولوية تتمثل في عودة عشرات الآلاف من نازحي المحافظة الذين فروا خلال الصراع واستعادة الخدمات الأساسية. وحث المجلس التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على تقديم المساعدة للمحافظة التي عانت من ويلات الحرب. وجاء في بيان المجلس المدني لدير الزور المشكل حديثاً أن المجلس سيعمل على «تعزيز اللحمة القوية بين أبناء المحافظة».
ويمثل نطاق السيطرة الكردية في المحافظة الواقعة في قلب منطقة العشائر العربية حساسية لكل من السكان ولأنقرة التي تتصدى لحملة مسلحة كردية داخل تركيا منذ نحو ثلاثين عاماً وسط تنامي المخاوف أيضاً من هيمنة وحدات الشعب الكردية على الحدود في شمال سوريا.
ويشكو الكثير من العشائر العربية المحلية في المنطقة أيضا من تهميشهم فيما يتعلق بصنع القرار ويلقون باللوم على وحدات حماية الشعب الكردية للتمييز ضدهم بما في ذلك التجنيد الإجباري لشبابهم. وتنفي وحدات حماية الشعب الكردية هذه الاتهامات.
العشائر العربية والتركمانية: لا لدويلة كردية
وقال اتحاد العشائر العربية والتركمانية في سوريا، إنهم لن يسمحوا بقيام دويلة كردية في سوريا. وأشار البيان، الصادر عن الاتحاد، امس الأحد، إلى أنّ البعض يخطط لتأسيس دويلة كردية، في محافظات الرقة، والحسكة (شمال شرق) ودير الزور (شرق)، تحت ذرائع مكافحة الإرهاب.
وتابع بأنهم لن يتخلوا عن أرض أجدادهم، أمام تمدد منظمة «بي كا كا الإرهابية، في سوريا تنظيم «ب ي د – ي ب ك» أو تنظيم «داعش» الإرهابيين» حسب قول الاتحاد. وطالب اتحاد العشائر، تركيا بالتدخل لمنع مسلحي «ب ي د» من التقدم أكثر، ولتحرير قراهم من احتلالها. وأضاف أنهم مستعدون لوضع أبنائهم في الجيش السوري الحر، تحت إمرة تركيا، من أجل تحرير مناطقهم من إرهابيي «ب ي د- ي ب ك».
منظمة حقوقية
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أمس الأحد، إن تدخل التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، هو عملية تحيز واضحة لتنظيم «ب ي د» «الإرهابي»، وأسفر خلال 3 سنوات عن كلفة دموية. وجاء ذلك في تقرير للشبكة صدر، أمس، بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لتدخل التحالف في سوريا.
وأوضح التقرير أنَّ «قوات التحالف بدأت حملتها العسكرية الموجهة ضد داعش، في سوريا منذ 23 سبتمبر/أيلول 2014، وشنَّت في ذلك اليوم عدة غـارات على مـواقع في محـافظة الـرقة (شمـال شـرق)، كمطار الطـبقة العسـكري، ومواقـع جبـهة النصـرة بريف إدلـب (شـمال غـرب)».
وأضاف أنّ «قوات التحالف استمرَّت في شنِّ هجماتها الجوية على مناطق تخضع لسيطرة داعش، وتركَّزت هذه الغارات على محافظات حلب (شمال) والرقة، ودير الزور (شرق)، والحسكة (شمال شرق)، وبشكل أقلَّ على محافظتي حمص وحماة (وسط)، ولم تظهر في ذلك الوقت سمة اصطفاف علني في الهجمات إلى جانب أحد أطراف النزاع حتى نهاية 2015».
وقالت الشبكة إنه «بدا جليّاً أنَّ قوات التحالف بدأت تدعم وبشكل صارخ قوات الإدارة الذاتية المكونة بشكل رئيس من قوات (ب ي د) فرع (تنظيم) بي كا كا (الإرهابي)، تحت مُبرّر محاربتها داعش». وأوضحت أنَّ «تركيز هجمات التحالف كان واضحاً على المناطق الشرقية كالرقة، وريف الحسكة، ودير الزور، في حين أن مناطق كريفي حمص وحماة (وسط) لم تشهد تكثيفاً مماثلاً للغارات الجوية، على الرغم من سيطرة داعش عليها؛ لأنها فيما يبدو لا تُشكِّل هدفاً، ولا وجودَ لقوات سوريا الديمقراطية فيها».
وقدَّمت الشبكة إحصائيات لما ارتكبته قوات التحالف منذ تدخلها «حيث قتلت ما لا يقل عن ألفين و286 مدنياً، من بينهم 674 طفلاً، و504 سيدة، كما ارتكبت ما لا يقل عن 124 مجزرة، وما لا يقل عن 157 حادثة اعـتداء على مراكز حيـوية مدنـية».
ونوَّه الشبكة إلى «تغيُّر النَّمط الذي اتَّبعته قوات التحالف الدولي منذ بدء هجماتها بشكل كبير، فقد اتَّسمت الهجمات التي نفَّذتها حتى نهاية 2015 بأنها محدَّدة ومركَّزة وأقلَّ تسبُّباً في وقوع ضحايا مدنيين». في حين أنَّ «الهجمات التي تم توثيقها عامي 2016 و2017، كانت عشوائية وغير مبرَّرة وتسببت في وقوع مئات الضحايا المدنيين، ودمار كبير في المراكز الحيوية المدنية»، حسب التقرير.
كما أوردَ التقرير «تصنيفاً تضمَّن ثلاث مراحل، والتي شملت المدة بين تشرين الثاني/نوفمبر 2016، حتى 23 سبتمبر الجاري، الأكثر دموية، حيث بدا بشكل واضح استهتار قوات التحالف الدولي الكبير بمبادئ القانون العرفي الإنساني». وأرجع ذلك إلى «حجم الخسائر البشرية غير المبرر في تلك المدة، حيث ارتكبت في المدة ذاتها عشرات المجازر والانتهاكات، ولم تتوخَ الدِّقة في استهداف المقرات والمناطق العسكرية التابعة لتنظيم داعش».
واستعرض التقرير «38 حادثة استهدفت فيها قوات التحالف مناطق ومراكز حيوية مدنية، تسبَّب 21 منها في سقوط ضحايا مدنيين، منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2016، حتى 15 سبتمبر الجاري». واعتبر أن «عمليات القصف العشوائي غير المتناسبة تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وأن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب».
وذكر التقرير، أن «الهجمات تسببت بصورة عرضية في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين، أو إلحاق إصابات بهم، أو في إلحاق الضرر الكبير بالأعيان المدنية، وهناك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بأن الضرر كان مفرطاً جداً إذا ما جرت مقارنته بالفائدة العسكرية المرجوة».
وأعلن التحالف الدولي بقيادة أمريكا تدخله لمكافحة تنظيم «داعش» في 2014، إلا أن دعمه انحصر بما يعرف بـ «قوات سوريا الديمقراطية».
القدس العربي