باتت الجريمة بمختلف مشاهدها أمراً مألوفا اعتاده الأهالي في عموم مناطق سيطرة النظام، في تصاعد متواتر لمعدل تلك الوقائع.
تداولت مصادر إعلام محلية في مناطق سيطرة النظام قبل أيام، العثور على جثة رجل مقتول في بئر بالقرب من مكان عمله مع قوات النظام في بلدة الهبيط بريف إدلب، ليتبين أن زوجة المقتول حرضت شخصاً وأغرته بالمال، فضلاً عن وعدها بتزويجه ابنتها لقاء قتل زوجها الذي يعاملها معاملة سيئة على حد زعمها.
أضاف المصدر أن الجاني أطلق النار على المغدور من بندقيته ورماه بمساعدة صديقيه في بئر قريب في بلدة الهبيط الخاضعة لسيطرة النّظام في ريف إدلب الجنوبي.
تشهد المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام، ارتفاع معدل الجريمة بمختلف أشكالها من قتل وخطف وسرقة واغتصاب بشكل لافت في الآونة الأخيرة.
توفر جملة من العوامل الإجابة للتساؤلات حول انتشار الجريمة وتحولها لظاهرة ملحوظة في وقت كانت سابقاً تقتصر على حوادث متفرقة ضمن معدلات منخفضة.
يأتي الوضع الاقتصادي المتردي متمثلاً بارتفاع معدل البطالة وانخفاض مستوى دخل الفرد وتفشي الفقر المدقع بين السوريين، في مقدمة الأسباب الكامنة التي تتسبب بضغط على المواطنين ودفعهم لممارسات تتنافى مع القيم المجتمعية والقانون.
بات 90٪ من السوريون في الداخل يعيشون تحت خط الفقر في البلاد، فيما زاد عدد من يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية نحو 1.4 مليون شخص في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، بحسب إحصائية صادرة عن الأمم المتحدة في شهر حزيران الفائت.
يلعب غياب مبدأ سيادة القانون دوراً فاعلاً في معدلات الجريمة، في ظل تسلط قوات النظام وميليشياته والميليشيات الأجنبية التي تعيث فساداً دون رقيب ولا حسيب، مقابل ولائهم للنظام.
تمكن مرتكبو الجرائم الجنائية من الإفلات من العقاب بتواطؤ النظام الذي أسقط عنهم التهم مقابل الانخراط في التسويات مع النظام والقتال لصالحه أو لصالح حلفاءه في سوريا وحتى خارجها كمرتزقة، كحال المجندين على يد روسيا للقتال في ليبيا.
كان للأزمة الإنسانية في سوريا وتداعياتها متمثلة بضعف الوازع الديني والأخلاقي فضلاً عن التصدع المجتمعي وتفكك الروابط الأسرية، أثرٌ في ازدهار الجريمة في المجتمع وحتى الحلقة الأضيق منه؛ الأسرة الواحدة.
وقد ساهم تفشّي ظاهرة الإدمان على الحشيش والمخدرات والكحول وانتشار السلاح بدون قيود، في ظل الانفلات الأمني وانشغال النظام بمحاربة الشعب من معارضيه.
وذكر مدير هيئة الطب الشرعي د. زاهر حجو في تصريح إعلامي في تشرين الأول الفائت، وقوع 332 جريمة قتل في مناطق سيطرة النظام منذ مطلع عام 2020 حتى منتصف الشهر ذاته، في إحصائيات تبدو بعيدة عن الأعداد الحقيقية بحسب نشطاء.
ازدهار نشاط الجريمة في الآونة الأخيرة في مناطق سيطرة النظام، وتقاعس النظام عن ملاحقتها والحد منها، ينذر بمستقبل مظلم وسينعكس سلباً على الأجيال الناشئة.
صباح نجم
تقرير خبري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع