توفي شخصان أثناء حفر أحد الآبار بريف حلب، بعد أن أجبرتهما الأوضاع المعيشية الصعبة وظروف الحرب القاسية على مزاولة المهنة رغم مخاطرها.
على عمق ٢٠٠ متر غامر العاملان بالحفر
استطاعت فرق الدفاع المدني الثلاثاء، انتشال جثتي محمد أيوب أحمد الحزوري وخليل يحيى الحزوري من داخل البئر الارتوازي، الذي كانا يحفرانه على عمق ٢٠٠ متر في قرية السفلانية التابعة لمنطقة بزاعة بريف حلب الشرقي، حيث تمكن عناصر الدفاع بعد محاولات عدة من انتشالهم بعد ٢٤ ساعة عمل.
انقطع الاتصال مع الشابين وهما يقومان بدحر البئر عن طريق حفر ثقوب أفقية بالجدار، من جميع الاتجاهات لجلب المياه من مسافات، بعد أن أغمى عليهما جراء انبعاث الأبخرة الناتجة عن المياه الكبريتية التي تدفقت عليهم.
صعوبات إنقاذ العاملين وتدخل فرق الطوارئ التركية
أوضح المتطوع فاتح الباشا، للمرة الأولى، في منشور أنه وقف عاجزا عن المساعدة باعتباره أحد أكثر المشاركين خبرة، إلا أن وجود مياه كبريتية وعمق ل٢٠٠ متر لم يستطع إكمال مهمته بعد ١٥٠ مترا، بسبب انقطاع الاتصال اللاسلكي ونفاذ الأوكسجين، ليتمكن زميله مصعب الذي كان يعمل جاهدا لأجل الوصول وتأمين الجثث قبل غيابه عن الوعي بعد المهمة.
وطالب فريق الدفاع المدني نقلا عن مراسلنا، هيئة الطوارئ والكوارث التركية “آفاد” بالتدخل والمساعدة، ووقوفا عند مشاركتهم وجه المجلس المحلي في بزاعة الشكر للمشاركين.
حفر الآبار لتأمين المياه بعد تدمير مصادرها وقطعها
لجأ الأهالي في السنوات الأخيرة بالشمال السوري لحفر الآبار رغم تهاوي أسعارها لتأمين مصدر لمياه الشرب، بسبب التدمير الممنهج لمحطات ضخ المياه، من ضمنها محطة ضخ قليدين بريف حماة ومحطة العريشاني بمحيط إدلب بصواريخ النظام وروسيا، ولإيجاد مورد لسقاية البساتين للحفاظ على باقي السلة الغذائية بالمنطقة بعد انحسار جزء كبير من المساحات الزراعية بيد النظام، خلال فترة الحرب بخاصة العام ٢٠١٩.
وتحوّل الأهالي بريف حلب وبخاصة منطقة الباب لحفر الآبار الارتوازية، بسبب سياسة النظام بقطع مياه نهر الفرات عن طريق محطة عين البيضا عن مئات آلاف القابعين منذ سنوات، بعد سيطرة فصائل المعارضة.
حيث حلقت أسعار بيع المياه بارتفاعات غير مسبوقة تفوق القدرة الشرائية للأهالي، الذين أطلقوا صيف العام الماضي حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للفت الانتباه لمعاناتهم وحرمانهم منها، مناشدين الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإنقاذهم من العطش ووقف تصحر مناطقهم وتدهور ثروتهم الحيوانية، رغم جهود بعض المنظمات بحفر آبار عدة للتخفيف من المعاناة قبل جفافها بسبب تراجع منسوب المياه الجوفية.
قرار تقييد حفر الآبار
بررت حكومة الإنقاذ، بهدف الحفاظ على مخزون المياه الجوفية، على لسان معاون مدير الزراعة المهندس أحمد الكوان، قرار منع حفر الآبار المعلن في تموز الماضي، مضيفا من خلال لجنة مشكلة تم وضع ضوابط لعمليات الحفر تحت إشرافها، يقوم خلالها المشاركون بدراسة الطلب المقدم لمنح الترخيص المقدم من مديرية الموارد المائية مع الأخذ بعين الاعتبار، مستوى المياه الجوفية ومستوى الأمطار وتحقيق مسافات الحرمات بالمنطقة المقررة للبئر.
ويتم منح ترخيص حفر البئر بحسب مسؤول المديرية صالح الدريعي، بموجب تقييم لجنة القياسات للمياه الجوفية بشكل دوري والمكلفة بمراقبة منسوب المياه.
آراء بعض الأهالي بأن المياه أساس الحياة
برأي عبدالله أبو يوسف في منطقة سلقين “المي أساس الحياة وإذا بدنا نستنا المجلس يشغلنا خط المي بعمرنا ماشربنا، رحنا اتدينا مصرات وحفرنا ٥٠ متر بير مي والحمدلله اليوم صار عندنا حاكورة زرعنا فيها كل خضرتنا مابدنا لانبيع ولانتاجر كل همنا نشرب ونسقي خضرياتنا لنعيش”.
ويقول أبو غيات من ريف إدلب الجنوبي: “صارلنا مهجرين من ٢٠١٩ اليوم بس بدي انزح على بيت جديد، أول شي بدور إذ متوفر بير المي، ماعاد عنا قدرة نشتري صهاريج، صارلنا بيت أربع غرف ومطبخ ومخدم وجنينة بس لأن مافي بير ماأخذناها، ناطرين تطلع الشتوية ندورنا على بيت”.
تقرير خبري – نضال بيطار
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع