“رعب يبسمر الركب ويجفف عروق الدم “
هكذا بدأ الشاب (ن) ابن 22 عاماً حديثه عن معتقلات النظام.
أكثر من 215 ألف معتقل منذ بداية الثورة السورية، وفق طريقة التوثيق التقديري، للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻭﺛّﻘﺖ ﻣﻘﺘﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ 5047 ﺷﺨﺼﺎً، ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ
ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺯ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻟﻴﻮ 2014، نقلاً عن قناة العربية .
وقد ذكر تقرير صادر عن الشبكة أن قوات النظام والميليشيات الموالية له، ما ﺯﺍﻟﺖ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻄﻒ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ، ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ.
يوم كأي يوم اعتيادي، ودع أهله، وذهب للقاء أصدقائه لكنه لم يعلم ما الذي كان ينتظره .
التقى بأصدقائه ، جلسوا وتحادثوا وضحكوا ، اتصلت والدته به عدة مرات، بعثت رسالة له كان محتواها، ابني انشغل بالي ..تعال بسرعة عالبيت ،الوقت تأخر..
خرج(ن) وأصدقائه ليذهب كل منهم إلى منزله ،إذ بسيارة مليئة بالأمن وقفت بجانبهم، نزل أحدهم، وطلب هوية كل شاب ..
ذهب العنصر إلى سيارته، وبعد عدة دقائق جاءت سيارة أخرى تابعة للأمن .
نزل منها عدة عناصر ووجهوا أسلحتهم باتجاههم، أدخلوهم السيارة، وقالوا لهم :أنتم قيد الاعتقال..
تابع (ن) حديثه والدموع في عينيه :
لم نعلم ما كانت هي القصة وما سبب اعتقالنا ، اقتادونا إلى فرع أمن الدولة ، ونحن مطمشي الأعين، لم نسمع إلا أصوات صراخ.
رفعوا لنا الطماش، ورأينا أشياء لم نكن نتوقعها، ولم نراها إلا في أفلام الرعب، قد تكون أسوء من أي عذاب، كانت صدمة نفسية مؤلمة لنا.
توجه المسؤول في الغرفة لنا بشتائم وكلمات من ضمنها “أنتو جماعة الحرية رح ندعسكن بالبوط العسكري ..والله لنفرجيكن نجوم الظهر”.
وضعونا بغرفة باردة جداً بجانب غرفة التعذيب، سمعنا أصوات رهيبة من كسر عظام وصراخ وبكاء..
فأصبحنا ننتظر دورنا ،ونقرأ آيات القرآن وندعو الله أن يعمي عيونهم عنا.
فتح باب الغرفة ،ولم نشعر إلا بالأكبال تنهال على جسدنا ..
ربطوا يداي خلف ظهري وقاموا بتعليقي، ثم ضربي بالعصي وكابلات الكهرباء إلا أن فقدت وعيي ..
استيقظت على صراخ أصدقائي إثر التعذيب، وسكب الماء البارد على جسدي ثم قاموا بضربي بالأكبال على أسفل قدمي ..
سنعرض بعض أنواع التعذيب التي يقوم بها النظام السوري في السجون حسب تقرير لمنظمة رقيب الشرق الأوسط :
ﺍﻟﺤـﺮﻕ : ﻭﺿﻊ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻮﻑ ﻣﺒﻠﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﻂ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺠﺴﻢ
ﺛﻢ ﺇﺷﻌﺎﻟﻬﺎ، ﺃﻭ ﺳﻜﺐ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻲ ﺍﻟمعتقل ﻭﺇﺷﻌﺎﻟﻬﻤﺎ.
ﺛـﻘﺐ ﻇﻬﺮ ﺍﻟمعقل ﺃﻭ ﺻﺪﺭه ﺑﻘﻀﻴﺐ ﻣﻌﺪﻧﻲ ﻣﺪﺑﺐ ﻭﺳﺎﺧﻦ.
ﺗﺸﺮﻳﻂ ﻭﺟـﻪ ﺍﻟمعتقل: ﺍﻟﺸﻔﺘﻴﻦ ﻭﺍﻷﺫﻧﻴﻦ ﻭﺍﻷﻧﻒ، ﺑﺴﻜﻴﻦ ﺣﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﻣﻮﺳ ﺍﻟﺤﻼﻗﺔ.
ﻗﻠﻊ ﺃﻇﺎﻓﺮ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻘﺪﻣﻴﻦ .
ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﺑﻤﺮﺍﻭﺡ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﻭﺿﺮﺑﻬﻢ ﻭﻫﻲ ﺗﺪﻭﺭ.
ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷﻣﻼﺡ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻘﻠﻮﻳﺔ ( ﺍﻟﻤﺤﺎﻟﻴﻞ ﺍﻟﺤﺎﻣﻀﻴﺔ ) ﻣﻊ ﺟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ
ﻭﺣﺮﻗـﻬﺎ.
استمر (ن) برواية قصته :وبعد عدة أشهر استخدموا فيها شتى أنواع فصول التعذيب تم الإفراج عنا.
وكالعادة كان سبب اعتقالنا تشابه أسماء.
عدت إلى المنزل، وأنا أتمايل كالسكارى، متقوس الظهر، متورم الوجه والقدمين.
طرقت الباب، فتحت لي والدتي، رأتني والدموع انهمرت من عيناها كالشلال، ضمتني إلى صدرها وهي تصرخ عاد لي ..إنه حي ..إنه حي…
كانت فرحتي برؤية عائلتي كبيرة أنستني آلام السجن والأيام السوداء التي قضيتها بداخله، ازدادت رغبتي في الحياة والإصرار على مواجهة الظلم وعدم الخضوع للظالم.
هنا انتهت قصة الشاب المعتقل (ن)، وبدأت الكثير من قصص معتقلين آخرين، لكل منهم رواية، ولكل منهم حكاية ..
نوال عبد الرحمن
المركز الصحفي السوري