لعلّ أبرز ما يتميّز بهِ لبنان هو المعاملة السيّئة للاجئين السوريين الذين يتواجدون فيه بكثرة وينتشرون في أغلب المناطق اللبنانية وخاصة محافظة البقاع كأكبر مساحة ينتشر فيها اللاجئون السوريون, هذه المعاملة التي تشمل كل أنواع الاضطهاد المادي والمعنوي لمجرد كونهم سوريين, لكن مما زاد (الطّين بلّة). هو وجود قسم كبير من اللاجئين السوريين الذين تخلّت مفوضية الأمم المتحدة عن تقديم المساعدات المتنوعة لهم مع بقاء تسجيلهم اِسميّاً كلاجئين, والمشكلة الأكبر هي أنّ أغلب اللاجئين المفصولين من تقديم المساعدات هم من سكان المخيمات الذين ليس لديهم ما يُؤويهم سوى الخيمة التي لا تكاد تردأ برد الشتاء عنهم وعن أطفالهم مع بقاء العديد من اللاجئين القاطنين في بيوتٍ مُستَأجرة في قائمة المحتاجين للمساعدات رغم أنهم ليسوا بحاجة لها أصلاً، وعلاوةً على ذلك وجود لاجئين بالاسم يأتون من سوريا ليستلموا مساعدات الأمم المتحدة ثم يعودون ولا يوجد عليهم أيّ خطر وهم في أغلب الأحيان من الموالين لنظام الأسد. في بلدة (برّالياس) اللبنانية يوجد العديد من هذه المخيمات والتي قامت أصلاً من قبل حملة (لَيان الخليجية) وعلى ميزانيتها الخاصة ثمّ ما لبثت أنْ تخلّت عن الدعم المادي للاجئين بسبب قلة التبرّعات المقدّمة للحملة, فبقيَ اللاجئون في هذي المخيمات بدون مُعين ولا من أيّ منظمةٍ دوليةٍ إضافة إلى أنّ الغالبية العظمى منهم مفصولين من مفوضية الأمم المتحدة بحجة أنهم قيّموا وضعهم وارتأوا أنهم ليسوا بحاجة للمساعدات, والحقيقة خلاف ذلك تماماً, فبعدَ زيارة أحد هذه المخيمات تبيّن أنّ اللاجئين فيها في أمسّ الحاجة لعناصر الحياة الأساسية من غذاء ولِباسٍ وتدفئة وغيرها من الحاجات خاصةً مع قدوم الشتاء المعروف بقساوته في هذه المناطق. في هذا السياق تقول اللاجئة (فاطمة) وهي أمّ لطفلين وزوجها طريح الفراش لا يستطيع تحريك ظهره بسبب إصابةٍ في عموده الفقريّ: (منذُ أنْ أتينا إلى لبنان ونحنُ مسجلون في مفوضية الأمم المتحدة لكننا لم نستلم مساعداتٍ إلا خلال ستّة أشهر فقط ثم تمّ فصلُنا, وعندما قُمنا بتقديم اعتراضٍ في المفوضية قالوا لنا إنهم قاموا بكشفٍ على المخيم وتبين معهم أننا لسنا بحاجة، هذا مع العلم أنهم لم يأتوا ولم نرَهم أصلاً. نحنُ الآنَ نعيش من بعض الجمعيات الخيرية التي تقدّم لنا ما تستطيع من غذائيات و لكنها تكاد لا تسدّ الرمق بسبب قلة التبرعات وقلة إمكانيات هذه الجمعيات أصلاً إضافة إلى انعدام وسائل التدفئة بشكل كامل). تُضيف (فاطمة): (لماذا نحنُ محرومون من المساعدات في حين يوجد الكثير من اللاجئين يسكنون في منازل على حسابهم الخاص ولهم أعمالهم ومَحالّهم التجارية, وفوق ذلك يستلمون القسائم الغذائية وقسائم المازوت من مفوضية الأمم وذلك أمام مرأى من الجميع؟). في حين التقيت باللاجئة (أسماء) التي تقوم بتعليم الأطفال في المخيم لقاء بدل ماديّ ضئيل, فتقول: (بعد أنْ قام الأمن العام اللبنانيّ باعتقال زوجي منذ أكثر من ثلاثة أشهر بسبب تأخره عن تجديد الإقامة وأنا أعيش وحيدةً مع طفلي المعاق الذي لا يستطيع المشي بسبب تشوهٍ خلقي في أقدامه وعدم نجاح العملية الجراحية التي قمنا بإجرائها له في سورية منذ أكثر من سنتين. ونتيجة لعدم حصولنا على المساعدات من أيةِ منظمة إلا من بعض الجمعيات الخيرية أقوم الآن بتعليم بعض الأطفال في الخيمة التي أسكن فيها لقاء بدلٍ ماديّ أسبوعيّ ضئيل, هؤلاء الأطفال ممّن لم يحصلوا على تعليم مجانيّ من المفوضية لأنها لا تعترف فينا كمخيمات تابعة لها وإنما قائمة بشكل عشوائي لا أكثر. هذا البدل الماديّ لا يساعدني على سد الرّمق لكنه أفضل من لا شيء). هذه حال غالبية المخيمات القائمة بناءً على حملاتٍ وجمعياتٍ خيرية ومنها: (مخيم الأبرار, الرحمة, الساروط, وغيرها). ولا تعترف بها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من ناحية تقديم المساعدات المختلفة, وما يزيد الأمر صعوبة هو قدوم الشتاء والبرد الذي لا تستطيع خيمة أنْ ترُدّ هُ عن أجساد اللاجئين, هؤلاء الذين لم يبقَ لهم مُعين .
المصدر: أورينت نت