“الاعتقال التعسفي ظاهرة لم تصل لدرجة الخطر ولكنها موجودة”، لم يكن هذا رأي المحامي كامل أطلي فقط، إذ يتشاطر هذا الرأي معه أيضا النائب العام في مجلس القضاء الأعلى التابع للمعارضة محمد الفرج.
ويضيف محمد الفرج في تصريح لـ”عربي21“، أن “معدلات الاعتقال التعسفي في الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب، هي معدلات منخفضة مقارنة بمناطق سيطرة الأطراف الأخرى”.
ويميز الفرج بين الاختطاف والاعتقال التعسفي، فالأخير هو “تجاوز للأطر القانونية التي تبيح للمحكمة حق التوقيف”، أما الاختطاف “فذلك مبحث آخر، لأنه جرم لا أساس قانوني له”.
ويعتبر الفرج أن “ظاهرة الاعتقال التعسفي قديمة وموجودة في كل بلدان العالم، وهي موجودة في سوريا قبل الثورة وبعدها”، ويضيف مدافعا عن المحاكم التابعة للمعارضة في مدينة حلب: “كما أسلفت سابقا، تكاد تكون المناطق المحررة من أقل المناطق تسجيلا للاعتقال التعسفي”.
ويضح كلامه: “نحن قمنا بثورة على القمع لكننا لم ننته منها بعد، ولهذا ومع وجود هذه الحالة الأمنية الطارئة، الناجمة عن الظروف الاستثنائية التي نمر بها، فمن الطبيعي أن نقع في مطب هنا أو مطب هناك”.
ويتفق الفرج مع الطرح الذي يقول: “إن عمليات الاعتقال التعسفي تسهل إلى حد بعيد حدوث عمليات الاختطاف”، ويوضح أن “الإفراط في استخدام الاعتقال التعسفي من قبل المحاكم يجعل من عملية الاختطاف التي تمارسها جهات عدة سهلة، لأن الشخص يقع في إشكالية التفريق بين الجهة التي تريد اعتقاله، إن كانت جهة قانونية، أم عبارة عن عصابة تنتحل صفة القانون”.
لا للاعتقال التعسفي
وكانت هيئة المحامين الأحرار بحلب بالتشارك مع منظمات مجتمع مدني أخرى ناشطة في الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة، قد نظمت عدة ندوات حوارية للتعريف بالاعتقال التعسفي وأسبابه، لتخرج الندوة الأخيرة بتوصيات مكتوبة من أهمها “محاربة اللثام”، وتفعيل دور المحامين، والاعتماد على القوانين المكتوبة، وتوحيد مرجعية المحاكم والقضاء، وتمكين دور الشرطة الحرة.
وفي هذا الصدد، يقول المحامي أحمد الشبلي من هيئة المحامين الأحرار لـ”عربي21“، إن “انتشار ظاهرة التوقيف بدون مذكرة قضائية، سببت القلق للمواطنين، وجاءت حملة (لا للاعتقال التعسفي) لمحاربة هذه الممارسات التي لا تليق بالمعارضة التي قامت بثورة ضد هذه الممارسات”.
ويضيف: “لقد وقع المجتمعون على ميثاق لا للاعتقال التعسفي، وطلبنا من الفصائل عدم الاعتقال الكيفي، لأن الاعتقال التعسفي جريمة ضد الإنسانية، وبالتالي لا يجوز الاعتقال إلا في حال وجود تهمة مثبتة، وبموجب مذكرة قضائية صادرة عن المحاكم الشرعية”.
وختم الشبلي بالقول: “الاعتقال التعسفي يمارس في سوريا بشكل ممنهج من قبل النظام أولا، ومن ثم تمارسه التنظيمات القومية، مثل حزب “الاتحاد الديمقراطي الكردي” في المناطق الخاضعة له في الشمال السوري، والتنظيمات الراديكالية الدينية، أما بقية الفصائل فتمارسه لكن بزخم أقل، وممارسة الأخيرة لا تخرج عن كونها ممارسة في نطاق ضيق، وتقتصر على حجز الحرية لفترات قصيرة”.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وثقت 1968 حالة اعتقال تعسفي في سوريا خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أغلبها في مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري، وفصلت الشبكة في تقرريها، أن 1314 شخصا اعتقلوا تعسفيا على يد قوات النظام السوري، و413 شخصا على يد تنظيم الدولة، و162 شخصا على يد قوات الإدارة الذاتية الكردية “ypg”، و44 شخصا على يد فصائل المعارضة المسلحة، و35 شخصا على يد جبهة النصرة.
خطأ يواجه بخطأ
بدوره ينظر مدير مكتب التدريب والتطوير في مجلس القضاء الأعلى، المحامي كامل أطلي، إلى ممارسات الاعتقال التعسفي الصادرة عن محاكم معارضة على أنها إجراء يحارب الخطأ الصادر عن شخص يمثل خطرا على المجتمع بخطأ مقابل.
ويضيف كامل أطلي: “قد تكون المخاطر الناجمة عن الاعتقال التعسفي في حال كان المطلوب مسلحا، مخاطر كبيرة جدا، وقد تتطور للوصول إلى اشتباكات بين الفصائل”.
أطلي لفت خلال حديثه لـ”عربي21 ” إلى “انتحال عصابات لصفات فصائل عسكرية، وذلك عن طريق وضع اللثام الذي يخفي معالم الشخصية بشكل كامل”.
وقال: “لا حل لمسألة الاعتقال التعسفي في المناطق المحررة، إلا بتوحيد المرجعية القضائية، المستندة إلى قانون موحد وشريعة إسلامية واضحة”.
يشار إلى أن تاريخ تشكيل مجلس القضاء الأعلى في مدينة حلب يعود لشهر تموز/يوليو 2015، بعد اتفاق سبع محاكم في حلب وريفها حينها على تقنين الشريعة الإسلامية، واعتماد هذه المحاكم على نظام إجرائي واحد للعمل القضائي في الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في المدينة وريفها.
عربي 21