قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا الجمعة إن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يقرره السوريون أنفسهم ولا يجب أن يقرر سلفا، بينما اعلن منسق المعارضة السورية رياض حجاب أنه لا مستقبل للأسد في المرحلة الانتقالية، في الوقت الذي بدأت فيه روسيا تحشد لدعم قرار دمشق بإجراء انتخابات في ابريل/نيسان.
وقال دي ميستورا في مقابلة مع محطة تلفزيون فرنسا 24 “قلنا إنه سيكون حلا بقيادة السوريين. حل ملك السوريين.”
وتابع “ألا يمكننا ترك السوريين حتى يقرروا ما يريدون بهذا الشأن؟ لماذا يتعين أن نقول سلفا ما يجب على السوريين أن يقولوه إذا كانوا يملكون الحرية والفرصة كي يقولوا ذلك”.
لكن رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة من المعارضة السورية رياض حجاب أعلن الجمعة أن “لا دور لبشار الأسد” في المرحلة الانتقالية في سوريا.
وردا على سؤال حول تصريحات دي ميستورا المتعلقة بتقرير الشعب السوري لمصير الأسد، قال حجاب في مؤتمر صحافي في باريس إن “أجندة المفاوضات واضحة وهي مستندة إلى بيان جنيف 1 لذا لا دور لبشار الأسد وزمرته بدءا من المرحلة الانتقالية”. رأى أيضا أن “الظروف حاليا غير مناسبة” لاستئناف مفاوضات السلام في التاسع من مارس/آذار.
وقال حجاب إن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “اقترح استئناف المفاوضات في التاسع من مارس/آذار ونحن نعتقد أن الظروف حاليا غير مؤاتية”، نظرا إلى عدم تحقيق أي من مطالب المعارضة، في اشارة الى مسائل ايصال المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة خصوصا.
موسكو تدعم اجراء الانتخابات
وقبل ذلك أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الجمعة) دعمه لقرار دمشق تنظيم انتخابات في أبريل/نيسان. وقال في اتصالات هاتفية مع قادة بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا إن القرار السوري لا يتعارض مع عملية السلام، فيما عارضه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند واعتبره فكرة استفزازية وغير واقعية.
وقال الكرملين في اعقاب المؤتمر الهاتفي ان “الجانب الروسي لاحظ ان قرار السلطات السورية تنظيم انتخابات برلمانية في ابريل/نيسان 2016 ينسجم مع الدستور السوري ولا يؤثر على الخطوات الجارية لبناء عملية سلمية”.
وأوضح أن زعماء روسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا عقدوا مؤتمرا عبر الهاتف الجمعة اتفقوا خلاله على أن اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا بدأ يحقق نتائج إيجابية تمهد الطريق لتسوية سياسية.
وجاء في بيان الكرملين ايضا أن روسيا تعتقد أن قرار الحكومة السورية إجراء انتخابات برلمانية “لن يعرقل خطوات بناء عملية السلام”.
وتابع أنه جرى التشديد خلال المحادثة “على أهمية استمرار القتال بلا هوادة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وغيرهما من الجماعات الإرهابية.”
لكن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وصف الجمعة تنظيم الانتخابات في سوريا في الشهر القادم كما اعلنت دمشق، بأنه “فكرة استفزازية”.
وقال خلال استقباله المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في باريس ان فكرة اجراء انتخابات قريبا في سوريا ليست فكرة استفزازية فحسب بل ستكون غير واقعية اطلاقا”.
شرطان لاستئناف مفاوضات السلام
من جهته اشار وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت الجمعة الى “تقدم فعلي” ميدانيا في سوريا، لكنه طالب بتحقيق شرطين لاستئناف مفاوضات السلام في جنيف.
وأوضح اثر لقاء مع نظرائه البريطاني والالماني “نأمل باستئناف سريع للمفاوضات في جنيف لكن لابد من تحقيق شرطين هما ضمان وصول المساعدات الانسانية الى كل السوريين والاحترام التام للهدنة”.
وتابع “تم تحقيق تقدم فعلي لكن لا تزال هناك امور غير مقبولة”، بينما اشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى ان “طائرات حربية لم تعرف هويتها نفذت (الجمعة) غارتين على اطراف مدينة دوما، ما ادى الى مقتل شخص لم يعرف اذا كان مدنيا ام مقاتلا”.
وبحسب المرصد فإن هذه الغارات هي “الاولى على الغوطة الشرقية منذ سريان الهدنة” بموجب اتفاق لوقف الاعمال القتالية في مناطق سورية عدة.
وأكد وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير ان الدول الغربية تسعى الى “تعزيز وقف اطلاق النار وتثبيته”، مضيفا “نعلم جميعا ان هناك انتهاكات لوقف اطلاق النار ولابد من الشفافية في مسالة المسؤوليات”، مؤكدا ايضا أن ايصال المساعدات الغذائية لا يزال “غير كاف”.
اما وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند فأعلن من جهته ان “وقف الاعمال القتالية ليس كاملا لكنه حد من مستوى اعمال العنف وشكل فرصة من اجل ايصال المساعدات الغذائية”.
واضاف “شجعنا منسق المعارضة السورية رياض حجاب مهما كانت تحفظاته، على الاستعداد للعودة الى طاولة المفاوضات في جنيف”.
وفي تطور آخر قال مكتب رئيس وزراء الدنمارك لارس لوكه راسموسن الجمعة، إن الحكومة ستعد قريبا مقترحات لتوسيع مهمتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية لتشمل سوريا بما في ذلك تنفيذ ضربات جوية.
وفي حالة موافقة البرلمان ستشارك مقاتلات إف – اف 16 وطائرة شحن من طراز سي.130جيه و400 فرد من بينهم قوات عمليات خاصة وقوات معاونة في الحملة العسكرية في سوريا بحلول منتصف العام. وتشارك القوات الدنماركية بالفعل في عمليات ضد التنظيم المتطرف في العراق.
ومن المتوقع أن يصوت البرلمان على المقترحات في قراءة أولى في الأول من ابريل/نيسان وفي قراءة ثانية في 19 من الشهر نفسه.
وعبرت الأحزاب الرئيسية بالفعل عن تأييدها للمقترحات في اجتماع للجنة متعددة الأحزاب شارك فيه وزيرا الدفاع والخارجية.
وقال وزير الخارجية الدنماركي كريستيان ينسن بعد الاجتماع إن اقتراحات توسيع المهمة جاءت بعد أن طلبت ذلك صراحة فرنسا والولايات المتحدة.
وقالت وزارة الدفاع إن توسيع المهمة سيجعل الدنمارك من أكبر المشاركين في المعركة ضد الدولة الإسلامية مقارنة بعدد السكان.
وقالت الوزارة في بيان “المعركة ضد داعش ستكون طويلة ولن يهزم الفكر المروع للمنظمة الإرهابية بالسبل العسكرية وحدها لذلك ستزيد الحكومة جهودها على المسار المدني وإشاعة الاستقرار في المناطق المحررة ومنع مصادر التمويل للتنظيم الارهابي والتصدي لدعايته ومنع المقاتلين الأجانب من الالتحاق بصفوفه.”
وأرسلت الدنمارك سبع طائرات من طراز إف-16 في 2014 للمشاركة في الضربات الجوية التي يقودها تحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية في العراق، لكنها سحبتها في 2015 للصيانة. ومن المقرر عودة الطائرات إلى المهمة خلال الشهور القادمة.
ودعا وزير الخارجية الدنماركي لمشاركة بلاده في شن ضربات جوية في سوريا عقب الهجمات التي شهدتها باريس في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
الثورة مستمرة
من جهة ثانية استغل المئات من السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة والمشمولة باتفاق وقف الاعمال القتالية الهدنة للخروج في تظاهرات في العديد من المحافظات بعد توقف استمر نحو ثلاث سنوات، متخذين عنوان “الثورة مستمرة” شعارا لتحركاتهم.
وقال الخطاط ابونديم اثر الانتهاء من اعداد لافتة كبيرة حملها متظاهرون في الاحياء الشرقية في مدينة حلب “غابت التظاهرات السلمية لفترة ومع الهدنة التي حدثت، باتت لدينا فرصة للتعبير عن السبب الذي خرجنا من أجله وهو اسقاط النظام، ولنظهر للعالم اننا لسنا عصابات مسلحة، بل نحن شعب يطالب بالحرية واسقاط النظام”.
وبدأ تطبيق اتفاق وقف الاعمال القتالية في مناطق سورية عدة قبل اسبوع. ويستثني الاتفاق تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة لتقتصر المناطق المعنية بالهدنة عمليا على الجزء الاكبر من ريف دمشق ومحافظة درعا جنوبا وريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي (وسط) ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي واللاذقية (غرب)
وعند اندلاع الاحتجاجات ضد النظام السوري في منتصف مارس/آذار 2011، اعتاد السوريون الخروج في تظاهرات اسبوعية كل يوم جمعة تحت شعار موحد مطالبين بإسقاط النظام.
لكن هذه التظاهرات التي سار فيها عشرات الالاف تراجعت وتيرتها في العام 2013 تحت وطأة القصف والغارات والبراميل المتفجرة التي اوقعت الاف القتلى.
وتحت شعار “الثورة مستمرة”، خرج المئات الجمعة في حلب كما في مدن تلبيسة في محافظة حمص (وسط) ودرعا (جنوب) ودوما في ريف دمشق، حاملين اعلام الثورة السورية مرددين هتافات مطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الاسد.
وحمل المتظاهرون في حلب لافتة كبيرة كتب عليها “عاشت سوريا ويسقط الاسد”، مرددين شعارات عدة ابرزها “الحرية صارت عالباب”.
وأفادت مصادر بأن المتظاهرين وخلال مرورهم في حي محاذ لأحياء تحت سيطرة جيش الاسيد تعرضوا لإطلاق نار من احد القناصة التابعين لقوات النظام من دون تسجيل اي خسائر.
وفي تلبيسة تجمع العشرات من الرجال والاطفال ورفع احدهم لافتة كتب عليها “خلص الكلام الشعب يريد اسقاط النظام”.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة بأن المئات من المتظاهرين خرجوا في مدن اعزاز والأتارب في محافظة حلب ودرعا ونوى في الجنوب وبلدة دير العصافير ومدينة دوما في ريف دمشق بالإضافة الى بلدات جرجناز وسراقب ومدينة معرة النعمان في ريف إدلب.
ميدل ايست أونلاين